فِي بَدْءِ الإِسْلاَمِ، وَشِدَّةِ الحَاجَةِ، فَكَانَتْ المَصْلَحَةُ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي وَقْفِ الأَرْضِ، فَكَانَ ذَلِكَ هُوَ الوَاجِبَ» (?). اهـ.

مَوْقِفُ عُثْمَانَ مِنْ ضَالَّةِ الإِبِلِ:

ومثل ذلك موقفه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من ضالة الإبل , فحين سئل عنها , نهى عن التقاطها وقال: «مَالَكَ وَلَهَا؟ [دَعْهَا]، فَإِنَّ مَعَهَا حِذَاءَهَا وَسِقَاءَهَا، تَرِدُ المَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا» (?).

ومضى الأمر على هذا طوال عهد الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثم عهد أبي بكر الصديق وعهد عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - فكانت الإبل الضالة تترك على ما هي عليه لا يأخذها أحد , حتى يجدها صاحبها , اتباعًا لأمر الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , وما دامت تستطيع الدفاع عن نفسها , وتستطيع أن ترد الماء تستقي وتختزن منه في أكراشها ما تشاء , ومعها أحذيتها أي أخفافها , التي تقوى بها على السير وقطع المفاوز.

ثم جاء عثمان بن عفان - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فكان ما يرويه مالك في " الموطأ " إذ يذكر أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ يَقُولُ: «كَانَتْ ضَوَالُّ الإِبِلِ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ إِبِلاً مُؤَبَّلَةً تَنَاتَجُ. لاَ يَمَسُّهَا أَحَدٌ. حَتَّى إِذَا كَانَ زَمَانُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، أَمَرَ بِتَعْرِيفِهَا ثُمَّ تُبَاعُ، فَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهَا أُعْطِيَ ثَمَنَهَا» (?).

وتغير الحال قليلاً بعد عثمان - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فإن علي بن أبي طالب وافقه في جواز التقاط الإبل حفظًا لها لصاحبها , لكنه رأى أنه قد يكون في بيعها وإعطاء ثمنها إن جاء ضرر به لأن الثمن لا يغني غناءها بذواتها , ومن ثم رأى التقاطها والإنفاق عليها من بيت المال حتى إذا جاء ربها أعطيت له (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015