«والذي أراه أن بيان الضعف في الحديث الضعيف واجب على كل حال , لأن ترك البيان يوهم المطلع عليه أنه حديث صحيح , خصوصًا إذا كان الناقل من علماء الحديث الذين يرجع إلى قولهم في ذلك , وأنه لا فرق بين الأحكام وبين فضائل الأعمال ونحوها في عدم الأخذ بالرواية الضعيفة , بل لا حجة لأحد إلا بما صح عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من حديث صحيح أو حسن , وأما ما قاله أحمد بن حنبل وابن مهدي وابن المبارك: ... " إِذَا رَوَيْنَا فِي فَضَائِلِ الأَعْمَالِ تَسَاهَلْنَا " فإنما يريدون به ـ فيما أرجح والله أعلم ـ الأخذ بالحديث الحسن الذي لم يصل إلى درجة الصحة , فإن الاصطلاح في التفرقة بين الصحيح والحسن لم يكن في عصرهم مستقرًا واضحًا , بل كان أكثر المتقدمين لا يصف الحديث إلا بالصحة والضعف فقط» (?). اهـ. بتصرف قليل.

وللإمامين ابن تيمية وابن القيم كلام في هذا المعنى نفسه فَسَّرَا به ما روي عن الإمام أحمد أنه يأخذ بالحديث الضعيف , ويقدمه على الرأي والقياس , فأفاد أن مراده الحسن , إذ الترمذي هو الذي شهر هذا التقسيم , كما هو معروف.

وأما الشيخ الألباني فقد أفاض في ذلك في مقدمات عدد من كتبه وبخاصة " صحيح الجامع الصغير وزيادته " , و" صحيح الترغيب والترهيب ".

عَدَمُ رِعَايَةِ الشُّرُوطِ التِي اشْتَرَطَهَا الجُمْهُورُ:

• الحقيقة الثانية:

أن الشروط الثلاثة التي اشترطها الذين أجازوا رواية الضعيف في الترغيب والترهيب والرقائق ونحوها , لم تراع ـ للأسف ـ من الناحية العلمية , فأكثر الذين يشتغلون بأحاديث الزهد والرقائق ,لا يميزون بين الضعيف وشديد الضعف , ولا يدققون في أن يكون الحديث مندرجًا تحت أصل شرعي ثابت بالقرآن , أو بصحيح السنة , بل ربما يغلب عليهم ـ كما قلت من قبل ـ الشغف بما كان فيه إثارة وإغراب , ولو منكرًا شديد النكارة , أو تلوح عليه دلائل الوضع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015