مَنْعُ الرِّوَايَةِ بِصِيغَةِ الجَزْمِ:

• الحقيقة الثالثة:

أن العلماء ذكروا هُنَا تَنْبِيهًا مُهِمًّا , وهو ألا يقول في الحديث الضعيف: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هكذا بصيغة الجزم والقطع.

قال ابن الصلاح في النوع الثاني والعشرين من (علوم الحديث):ـ

«إِذَا أَرَدْتَ رِوَايَةَ [الحَدِيثِ] الضَّعِيفِ بِغَيْرِ إِسْنَادٍ فَلاَ تَقُلْ فِيهِ: " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا وَكَذَا " وَمَا أَشْبَهَ هَذَا مِنَ الأَلْفَاظِ الجَازِمَةِ بِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا تَقُولُ فِيهِ: " رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا وَكَذَا، أَوْ بَلَغَنَا عَنْهُ كَذَا وَكَذَا، أَوْ وَرَدَ عَنْهُ، أَوْ جَاءَ عَنْهُ، أَوْ رَوَى بَعْضُهُمْ " وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. وَهَكَذَا الحُكْمُ فِيمَا تَشُكُّ فِي صِحَّتِهِ وَضَعْفِهِ، وَإِنَّمَا تَقُولُ: " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فِيمَا ظَهَرَ لَكَ صِحَّتُهُ بِطَرِيقِهِ الَّذِي أَوْضَحْنَاهُ أَوَّلًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ» (?).

وما قاله ابن الصلاح وافقه عليه النووي , وابن كثير , والعراقي , وابن حجر , وكل من كتب في مصطلح الحديث.

ولكن الخطباء , وَالمُذَكَّرِينَ والمؤلفين الذين يرون الأحاديث الضعيفة لا يلقون بَالاً لهذا التنبيه , ويصدرون أحاديثهم دائمًا بقولهم: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

فِي الصَّحِيحِ وَالحَسَنِ مَا يُغْنِي:

• الحقيقة الرابعة:

أنه إذا كان لدينا في الموضوع الواحد حديث أو أكثر من صنف الصحيح والحسن , وحديث أو أكثر من صنف الضعيف , فالأجدر بنا أن نستغني بما لدينا من الصنف الأول عن الثاني , ولا داعي لأن نعبئ حوافظنا من الضعيف , فإن ذلك سيكون حَتْمًا على حساب الصحيح. ولهذا ورد عن الصحابة: «مَا اجْتَهَدَ قَوْمٌ فِي بِدْعَةٍ إِلاَّ أَضَاعُوا مِثْلَهَا مِنَ السُنَّةِ».

وهذا أمر مشاهد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015