Q الأمثلة المذكورة للعلماء الذين ذكروا في الدروس السابقة معظمهم بدءوا في سن مبكرة فما حال الكبار؟
صلى الله عليه وسلم يعني: نحن الآن كبرنا في السن فمنا من أصبح عمره (20) سنة أو (30) سنة أو (40) فقد ذكرتم أن الشافعي حفظ القرآن وهو ابن (7) سنين وحفظ الموطأ وهو ابن (10) سنين.
وأحمد بن حنبل كان يريد أن يخرج قبل الفجر من أجل أن يتعلم الحديث وهو لا يزال طفلاً صغيراً، وأمه تمسكه وتقول له: لا تخرج قبل الفجر، وهو يريد أن يخرج قبل الفجر لطلب الحديث، فيقول السائل: إذاً: ماذا يعمل الكبار؟ نقول: ما أكثر الأمثلة في التاريخ الإسلامي على من بدأ في سن الكبر، وحتى لو لم توجد أمثلة، سنفترض أنك لا تعرف أن موسى بن نصير فتح الأندلس وعمره (72) سنة، ولا أن يوسف بن تاشفين التزم بالإسلام وعمره (46) سنة، وقبل ذلك كان بعيداً تمام البعد عن الفكر الإسلامي والالتزام بتعاليم الشرع، فبدأ طريقه في الالتزام وعمره (46) سنة، وخالد بن الوليد أسلم وعمره (47) سنة، وعمرو بن العاص أسلم وعمره (57) سنة، فالله سبحانه وتعالى أنعم عليهم بالفتح، سواء في مجالات الجهاد أو مجالات العلوم أو مجالات الدعوة، في كل مجالات الإسلام بصفة عامة، لا أريد أن يقول إنسان: إنني قد تأخر بي الزمن، لا، فـ ابن الجوزي رحمه الله بدأ يتقن القراءات العشر ويقرؤها على الشيوخ وعمره فوق (80) سنة، مع العلم الغزير الذي كان عنده في كل فروع العلم، يعني يقول ابن تيمية عن ابن الجوزي: ما أعلم أحداً صنف مثله.
في كل الفروع له مصنف رحمه الله، ولكن هناك فرع لم يتعلمه ولم يتخصص فيه في أول حياته وإنما تعلمه وعمره فوق (80) سنة، ألا وهو علم القراءات.
أيضاً اذكر قول الله عز وجل: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر:38]، ستحاسب على كل لحظات عمرك لوحدك، فكون العالم كله يضيع وقته ويلعب وينشغل بأمور لا تنفع فاعلم أنك ستحاسب لوحدك يوم القيامة، فالوقت الذي تبقى لك من العمر لعله يوم أو يومان أو عشرة أو عشر سنين أو أكثر فاستغله كله لله عز وجل.