وإذا سبحتِ الله ونزهتِه بما هو أهله فارفعي رأسك وأنتِ وجلة من تقصيرك في التعظيم وتخشين عدم القبول، فإذا قلت: " سمع الله لمن حمده" ورفعت يديك حذو منكبيكِ اطمأن قلبك بأن الله يسمع حمدك ولن تبخسي شيئًا فتحمدين الله على ذلك قائلة: " ربنا ولك الحمد "، حمدًا على حمدكِ إياه وحمدًا على سماعه لك. لذا فلا يليق بالله على هذه النعمة إلا حمد عظيم ليس بعده حمد، فتقولين " ملء السموات وملء الأرض وملء كل ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد ". حمدٌ عظيمٌ حَمَدَ به خير المرسلين فلا يفوتكِ أن تتذكري ,وأنت تحمدين الله به أنه لا يقابل آلاءه ولا يوازي نعمه وذلك حق الله وهو أهله فتقولين: " أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد مند الجد " وهذا المقام مقام الربوبية مقام مستحق العبودية مقام الله الذي لا إله معه ولا ندَّ له.
وذلك وارد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال -صلى الله عليه وسلم-: ' اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، [اللهم] لا مانع لما أعطيت [ولا معطي لما منعت] ولا ينفع ذا الجد منك الجد " (?) .
وتذكري أن الملائكة يصطفون لسماع حمدك ويبتدرونه أيهم يكتبه، فقد قال رجل من الصحابة كان يصلي خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " ربنا لك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه ". وذلك بعد أن قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- " سمع الله لمن حمده " فلما انصرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " من المتكلم آنفًا؟ فقال الرجل: أنا يا رسول الله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكًا يبتدرونها أيهم يكتبها أولاً " (?) .