أما بعد: فإني قد ترددت كثيرًا في كتابة هذا الموضوع وذلك خشية أن يظن بي ما ليس فيَّ من الخشوع، ولكن لما رأيت كثيرًا من النساء لا يحسنَّ الصلاة اجتهدت في إلقاء محاضرة في جمع كثير من النساء. وبينت فيها كيفية الخشوع في الصلاة، وكيف تستطيع المسلمة أن تنال هذه الصفة التي لا يمتاز بها إلا المؤمنون المفلحون كما قال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ) [المؤمنون: 1 - 2] ، وقد نالت هذه المحاضرة - بحمد الله - إعجاب الكثيرات حيث وقعت منهن موقع الماء العذب الزلال من العطشان في الصيف الحار.
وطالبني كثير ممن لم يحضرن بإعادة هذه لمحاضرة لّما بلغهن استفادة من حضر، وتمكنهن من الخشوع بعد تطبيق ما ذكرتُ، واعتذرتُ لهن من الإعادة خشية السآمة ووعدتهن خيرًا.
وقد عنَّ لي الآن أن أكتب المحاضرة التي ألقيتها، لتكون الفائدة أعمَّ بحيث يبلغ الكتاب ما لم يبلغ الخطاب.
وأنا في هذا كلَّه استعين بالله، وأتوكل عليه وأسأله التوفيق والسداد لما فيه الخير والرشاد.
رقية
إن الله_ سبحانه_ قد امتدح الخاشعين في مواضع كثيرة من كتابه فقال: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ) [المؤمنون: 1 - 2] .
وقال: (وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ) [البقرة:45] .
وقال: (خَاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [آل عمران:199] .
وقال: (وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) [الأنبياء:90] .
وقال: (وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا) [الإسراء:109] .