شيء من شَعْرِ النبي - صلى الله عليه وسلم - جعله في ملبوسه. وقال محمَّد بن منصور: كنا في مجلس أبي عبد الله البخاري فرفع إنسان قذاة من لحيته، وطرحها على الأرض، فرأيت البخاري ينظر إليها وإلى الناس، فلما غَفَلَ الناس رأيته مد يده، فرفع القَذاة من الأرض فأدخلها في كمه، فلما خرج من المسجد رأيته أخرجها، ووضعها على الأرض، فكأنه صان المسجد عما تُصان عنه لحيته، وأخرج الحاكم في "تاريخه" من شعره قوله:

اغْتنمْ في الفراغ فَضْلَ رُكُوعٍ ... فَعسى أنْ يكُونَ مَوتُك بَغتَهْ

كَم صحيحٍ رأيْتَ من غَيْرِ سُقْمٍ ... ذَهَبَتْ نفسُهُ الصَّحيحةُ فَلْتهْ

ومن العجيب أنه مات بغتة كما يأتي، ولما نعي له عبد الله بن عبد الرحمن الدّارِميُّ الحافظ أنشد:

إنْ عِشْتَ تُفجع بالأحِبّةِ كلِّهم ... وفناءُ نَفْسِك لا أبالَكَ أفْجعُ

ثناء أشياخه عليه

ومن ثناء أشياخه عليه ما رواه ورَّاقُه، قال: سمعت البخاري يقول: كان إسماعيل بن أبي أُوَيس إذا انتخبت من كتابه نسخ تلك الأحاديث لنفسه، وقال: هذه أحاديث انتخبها محمَّد بن إسماعيل من حَديثي، قال: وقال لي ابن أبي أُوَيْس: انظر في كتبي وجميع ما أملك لك، وأنا شاكرٌ لك أبدًا ما دمت حيًا.

وقال أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزُّهْرِيّ: محمَّد بن إسماعيل أفقه عندنا وأبصر بالحديث من أحمد بن حَنْبل، فقال له رجل: جاوزت الحد، فقال له أبو مصعب: لو أدركت مالكًا، ونظرت إلى وجهه ووجه محمَّد بن إسماعيل، لقلت: كلاهما واحد في الحديث والفقه.

وقال عبدانُ بن عُثمان المَرْوَزِيُّ: ما رأيت شابًّا أبصر من هذا، وأشار إلى محمَّد بن إسماعيل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015