الكف، وقال القاضي عياض: وهذه الروايات متقاربة متفرقة متفقة على أنه شاخِص في جسده قدر بَيْضة الحمامة وزِرِّ الحَجَلة. وأما رواية جمع الكف فظاهرها المخالفة، فَتُتَأَوَّل على وفق الروايات الكثيرة، ويكون معناه على هيئة جمع الكف، لكنه أصغر منه في قدر بيضة الحمامة.
وهذا الخاتم هو أثر ختم الملكين بين كتفيه لما شقا صدره الشريف، وخاطباه، وعلى هذا يكون وضع بعد ولادته، وهو الصحيح من القولين، ويدل عليه حديث أبي ذَرٍّ عند البَزّار وغيره، قال: قلت: يا رسول الله! كيف علمت أنك نبي .... إلخ، وفيه: "ثم قال أحدهما لصاحبه: خِطْ بطنه فخاط بطني، وجعل الخاتم بين كتفي، كما هو الآن، ووليا عني". وحديث عائشة عند أبي داود الطَّيالِسيّ، والحارث بن أبي أسامة، و"الدلائل" لأبي نُعيم: أن جبريل وميكائيل لما تراءيا له عند المَبْعث، هبط جبريل، فسلقني لحلاوة القَفا، ثم شق عن قلبي فاستخرجه، فغسله في طَسْت من ذهب بماء زَمْزم، ثم أعاده مكانه، ثم لأَمَهُ، ثم ألقاني، وختم في ظهري حتى وجدت مس الخاتم في قلبي، وقال: اقرأ ... الحديث، وقيل وضع عليه عند الولادة؛ فعند أبي نعيم في "الدلائل" أنه - صلى الله عليه وسلم - لما ولد ذكرت أمه أن الملك غمسه في الماء والذي أنبعه ثلاث غمسات، ثم أخرج سرقَة من حرير أبيض، فإذا فيها خاتم، فضرب على كتفه كالبيضة المكنونة تضيء كالزهرة، وقيل: ولد به، نقله أبو الفتح اليَعْمُرِي، والأولى أثبت، قال العلماء: السر في كونه بين الكتفين هو أن القلب في تلك الجهة وقد ورد في خبر مقطوع أخرجه ابن عبد البر، بسند قوي، عن عمر بن عبد العزيز وصاحبه الفائق في "مصنفه" أن رجلًا يسأل ربه أن يريه موضع الشيطان، فرأى الشيطان في صورة ضفدع عند نُغْض كتفه الأيسر، حذاء قلبه، له خرطوم كالبعوضة.
وعند أبي يَعْلى، وابن عَدِيّ عن أنس مرفوعًا: "إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم." الحديث، وأورده أبو بكر في كتاب "الشريعة" أن عيسى بن مَرْيم، عليه الصلاة والسلام، سأل ربه أن يريه موضع الشيطان