مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أن بعثه الله تعالى وآمن به، وإلى أن زوجه ابنته، فاطمة الزهراء، ولم تمت خديجة فيما ذكره ابن إسحاق وغيره إلا بعد الإسراء، وبعد أن صلت الفريضة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ولما توفي أبو طالب وخديجة، خَرَجَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الطائف، ومعه زيدُ بن حارثة، يطلب منهم المنَعَةَ، فأقام عندهم شهرًا، ولم يجد فيهم خيرًا، ثم رجع إلى مكة في جوار المطعم بن عدي، وكان ذلك سنة إحدى وخمسين من الفيل. وكان بين الإسراء واليوم الذي هاجر فيه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة سنة وشهران، وكان مكثُه - صلى الله عليه وسلم - بمكة بعد مبعثه صابرًا على أذى قريش، وتكذيبهم له، داعيًا إلى الله تعالى إلى أن أَذِنَ له في الهجرة إلى المدينة، وذلك بعد أن بايعه وجُوْهُ الأوس والخزرج، بالعقبة، على أن يُؤووه وينصروه، حتى يُبَلِّغَ عن الله تعالَى رسالته، ويُقاتِلَ من عانده، وخالفه، فهاجر إلى المدينة، وكانت بيعة العقبة أواسط أيام التشريق في ذي الحجة.
وكان مخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة بعد العَقَبَة بشهرين وليال، كما قال ابن إسحاق، وابن عبد البر، وقال الحاكم: بثلاثة أشهر أو قريبًا منها، وخرج لهلال ربيع الأول من مكة، وقدم المدينة لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول، قال في "الفتح": وعلى هذا خروجه كان يوم الخميس، وقال الحاكم: إن خروجه كان يوم الاثنين، ودخوله المدينة كان يوم الاثنين. ويجمع بينهما بأن خروجه من مكة كان يوم الخميس، وخروجه من الغار كان ليلة الاثنين، لأنه أقام فيه ثلاث ليال، ليلة الجمعة، وليلة السبت، وليلة الأحد، وخرج أثناء ليلة الاثنين، وأمره جبريل أن يستصحِبَ معه أبا بكر، ولم يرافقه غيره من أصحابه فيها، وكان يخدمهما في ذلك السفر عامرُ بن فهيرة. وحديث هجرتهما أخرجه البخاري وغيره.