المنذر وقال: هذا خلاف السنة، وخلاف قول جميع أهل العلم، وروى البيهقي بإسناد صحيح عن حماد بن زيد قال: لما ذكروا هذا القول ما كان بالكوفة أفحش ردًا للآثار من إبراهيم النخعي لقلة ما سمع منها، ولا أحسن اتباعًا لها من الشعبي لكثرة ما سمع منها، ونقل ابن شاس عن المالكية خلافًا في جواز قتل الصغير منها الذي لا يتمكن من الأذى.
والفأر أنواع منها: الجرذ بجيم بوزن عمر، والخلد بضم المعجمة وسكون اللام، وفأرة الإبل، وفأرة المسك، وفأرة الغيط، وحكمها في تحريم الأكل وجواز القتل سواء، وسيأتي في الأدب إطلاق الفويسقة عليها من حديث جابر، وتقدم سبب تسميتها بذلك من حديث أبي سعيد، وقيل: إنما سميت بذلك لأنها قطعت حبال سفينة نوح.
وقوله: "الكلب العقور" الكلب معروف، والأنثى كلبة، والجمع أكلب وكلاب وكليب بالفتح كأعبد وعباد وعبيد، وفي الكلب بهيمية وسبعية، كأنه مركب، وفيه منافع للحراسة والصيد كما سيأتي في بابه، وفيه من اقتفاء الأثر وشم الرائحة والحراسة وخفة النوم والتودد وقبول التعليم ما ليس لغيره، وقيل: إن أول من اتخذه للحراسة نوح عليه السلام، وقد سبق البحث في نجاسته في باب الطهارة، واختلف العلماء في المراد به هنا، وهل لوصفه لكونه عقورًا مفهوم أولًا؟ فروى سعيد بن منصور بإسناد حسن عن أبي هريرة قال: الكلب العقور الأسد، وعن زيد بن أسلم أنهم سألوه عن الكلب العقور فقال: وأيِّ كلب أعقر من الحية، وقال زفر: الكلب العقور هنا الذيب خاصة، وقال مالك في الموطأ: كل ما عقر الناس، وعدا عليهم وأخافهم مثل: الأسد والنمر والفهد والذيب، هو العقور، وكذا نقل أبو عبيد عن سفيان، وهو قول الجمهور، وقال أبو حنيفة: المراد بالكلب هنا الكلب خاصة، ولا يلتحق به في هذا الحكم سوي الذيب، واحتج أبو عبيد للجمهور بقوله عليه الصلاة والسلام: "اللهم سلط عليه كلبًا من كلابك" فقتله الأسد، وهو حديث حسن أخرجه الحاكم عن أبي نوفل، عن أبي عقرب، عن أبيه، واحتج بقوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} فاشتقها من اسم الكلب، فلهذا قيل لكل جارح عقور، واحتج الطحاوي للحنفية بأن العلماء اتفقوا على تحريم قتل البازي والصقر وهما من سباع الطير، فدلَّ ذلك على اختصاص التحريم بالغراب والحدأة، وكذلك يختص التحريم بالكلب وما شاركه في صفته، وهو الذيب، وتعقب برد الإتفاق فإن مخالفيهم أجازوا قتل كلِّ ما عدا وافترس، فيدخل فيه الصقر وغيره، بل معظمهم قال: يلتحق بالخمس كل ما نهى عن أكله إلَّا ما نهي عن قتله، واختلف العلماء في غير العقور مما لم يؤمر باقتنائه، فصرح بتحريم قتله القاضيان حسين والماوردي وغيرهما، وفي الأم للشافعي الجواز، واختلف كلام النووي فقال في البيع مرة: لا خلاف بين أصحابنا في أنه محترم، ولا يجوز قتله. وقال في التيمم والغصب: إنه غير محترم، وقال في الحج: يكره قتله كراهة تنزيه، وهذا اختلاف شديد، وعلى كراهة قتله اقتصر الرافعي، وتبعه في