يختص ذلك بكبارهما؟ والمشهور عنهم كما قال ابن شاس: لا فرق، وفاقًا للجمهور.

ومن أنواع الغربان: الأعصم وهو الذي في رجليه، أو في جناحيه، أو بطنه بياض، أو حمرة، وله ذكر في قصة حفر عبد المطلب لزمزم وحكمه حكم الأبقع.

ومنها: العقعق: وهو قدر الحمامة على شكل الغراب، قيل: سمي بذلك لأنه يعق فراخه فيتركها بلا طعم، وبهذا يظهر أنه نوع من الغربان، والعرب تتشاءم به أيضًا، وفي فتاوى قاضي خان الحنفي: من خرج لسفر فسمع صوت العقعق فرجع كفر، وحكمه حكم الأبقع على الصحيح، وقيل: حكم غراب الزرع، وقال أحمد: إن أكل الجيف وإلَّا فلا بأس به.

وقوله: والحدأ بكسر أوله وفتح ثانيه بعدها همزة بغير مد، وحكى صاحب المحكم المد فيه ندورًا، وفي رواية الكشميهني في حديث عائشة: الحدأة بزيادة هاء بلفظ الواحدة، وليست للتأنيث، بل هي كالهاء في التمرة، وحكى الأزهري فيها حدوة بواو بدل الهمزة، وسيأتي في بدء الخلق من حديثها بلفظ: الحديث بضم أوله وتشديد التحتانية مقصور، ومثله لمسلم عن عروة قال: قال قاسم بن ثابت الوجه فيه الهمزة وكأنه سهل ثم أُدغم، وقيل: هي لغة حجازية وغيرهم يقول: حدية، ومن خواص الحدأة أنها تقف في الطيران، ويقال: إنها لا تختطف إلا من جهة اليمين، وقد مضى لها ذكر في الصلاة في قصة صاحبة الوشاح، ويلتبس بالحدأة: الحدأة بفتح أوله فاس له رأسان.

وقوله: "والعقرب" هذا اللفظ للذكر والأنثى وقد يقال: عقربة، وعقرباء، وليس منها العقربان، بل هي دويبة طويلة كثيرة القوائم، ويقال: إن عينها في ظهرها، وإنها لا تضر ميتًا ولا نائمًا حتى يتحرك، ويقال: لدغته العقرب بالغين المعجمة ولسعته بالمهملة، وقد تقدم اختلاف الرواة في ذكر الحية بدلها في حديث الباب، ومن جمعهما والذي يظهر لي أنه عليه الصلاة والسلام نبه بإحداهما على الأخرى عند الاختصار، وبين حكمهما معًا، حيث جمع، قال ابن المنذر: لا نعلمهم اختلفوا في جواز قتل العقرب، وقال نافع لما قيل له: فالحية؟ قال: لا يختلف فيها، وفي رواية: ومن يشك فيها؟ وتعقبه ابن عبد البر بما أخرجه ابن أبي شيبة عن شعبة أنه سأل الحكم وحمادًا فقالا: لا يقتل المحرم الحية ولا العقرب، قال: وحجتهما أنهما من هوام الأرض، فيلزم من أباح قتلهما مثل ذلك في سائر الهوام، وهذا اعتلال لا معنى له، نعم عند المالكية خلاف في قتل صغير الحية، والعقرب التي لا تتمكن من الأذى، قاله في الفتح.

قلت: هذا القول -إن كان عند المالكية- في غاية الضعف.

وقوله: "والفأرة" بهمزة ساكنة، ويجوز فيها التسهيل، ولم يختلف العلماء في جواز قتلها للمحرم، إلاَّ ما حكي عن إبراهيم النخعي فإنه قال: فيها جزاء إذا قتلها المحرم أخرجه ابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015