لقرينتها في كتاب الله، وأما إذا اتصف الحج بكونه مبرورًا فذلك قدر زائد، وقد مرَّ الكلام على المراد به في أوائل الحج، ووقع عند أحمد وغيره، عن جابر مرفوعًا: "الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة"، قيل: يا رسول الله ما بر الحج؟ قال: "إطعام الطعام، وإفشاء السلام"، ففي هذا تفسير المراد بالبر في الحج، ويستفاد من حديث ابن مسعود المذكور المراد بالتكفير المبهم في حديث أبي هريرة، وفي حديث الباب دلالة على الاستكثار من الاعتمار خلافًا لقول من قال: يكره أن يعتمر في السنة أكثر من مرة، وكما مرَّ عن المالكية، ولمن قال: مرة في الشهر من غيرهم، واستدل لهم بأنه عليه الصلاة والسلام لم يفعلها إلا من سنة إلى سنة، وأفعاله على الوجوب والندب، وتعقب بأن المندوب لم ينحصر في أفعاله فقد كان يترك الشيء وهو يستحب فعله، لرفع المشقة عن أمته، وقد ندب إلى ذلك بلفظه فثبت الاستحباب من غير تقييد، واتفقوا على جوازها في جميع الأيام لمن لم يكن متلبسًا بأعمال الحج، إلا ما نقل عن الحنفية: إنه يكره في يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق. ونقل الأثرم، عن أحمد: إذا اعتمر فلابد أن يحلق، أو يقصر فلا يعتمر بعد ذلك إلى عشرة أيام ليمكن حلق الرأس فيها. قال ابن قدامة: هذا يدل على كراهة الاعتمار عنده في دون عشرة أيام. وقال ابن التين: قوله: العمرة إلى العمرة يحتمل أن تكون "إلى" بمعنى مع فيكون التقدير: العمرة مع العمرة كفارة لما بينهما.
قد مرّوا: مرَّ عبد الله بن يوسف، ومالك في الثاني من بدء الوحي، ومرَّ سمي في الثاني عشر من الأذان، ومرَّ أبو صالح وأبو هريرة في الثاني من الإيمان.
أخرجه مسلم والترمذي والنسائي.
ثم قال المصنف: