حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَيُقَالُ هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
قوله: بالغداة والعشيّ، قال ابن التين: يحتمل أن يريد بالغداة والعشي غداةً واحدة وعشية واحدة، يكون العرض فيها. ويحتمل أن يريد كلَّ غداةٍ وكلَّ عشيٍّ، وهو محمول على أنه يُحيا منه جزء ليدرك ذلك، فغير ممتنع أن تعاد الحياة إلى جزء من الميت، أو أجزاء وتصح مخاطبته، والعرض عليه. والأول موافق للأحاديث المتقدمة، قبل بابين في سياق المسألة، وعرض المُقْعَدين على كل أحد. وقال القرطبي: يجوز أن يكون هذا العرض على الروح فقط، ويجوز أن يكون عليه مع جزء من البدن.
قال: والمراد بالغداة والعشي وقتهما، وإلا فالموتى لا صباح عندهم ولا مساء، قال: وهذا في حق المؤمن والكافر واضح، فأما المؤمن المخلط فمحتمل في حقه أيضًا؛ لأنه يدخل الجنة في الجملة، ثم هو مخصوص بغير الشهداء؛ لأنهم أحياء وأرواحهم تسرح في الجنة. ويحتمل أن يقال: إن فائدة العرض في حقهم تبشير أرواحهم باستقرارها في الجنة مقترنة بأجسادها، فإنّ فيه قدرًا زائدًا على ما هي فيه الآن.
وقوله: فإن كان من أهل الجنة، فمن أهل الجنة، اتحد فيه الشرط والجزاء لفظًا، ولابد فيه من تقدير. قال التّوربشتّي: التقدير إن كان من أهل الجنة فمقعده من مقاعد أهل الجنة، يعرض عليه. وقال الطيبى: الشرط والجزاء إذا اتحدا لفظًا دل على الفخامة، والمراد أنه يرى بعد البعث من كرامة الله ما ينسيه هذا المقعد.
ووقع عند مسلم بلفظ "إن كان من أهل الجنة فالجنة" أي: فالمعروض الجنة، وفي هذا الحديث إثبات عذاب القبر، وأن الروح لا تفنى بفناء الجسد؛ لأن العرض لا يقع إلا على حيّ، وقال ابن عبد البر: استدل به على أن الأرواح على أفنية القبور، قال: والمعنى عندي أنها قد تكون