وقوله: "ثم ستره الله" فيه حذف عليه، وفي رواية كريمة ذكرها، والحكمة في عطف الجملة المتضمنة للعقوبة على ما قبلها بالفاء والمتضمنة للستر بثم هي احتمال أن ذلك للتنفير عن مُواقَعَة المعصية، فإن السامع إذا علم أن العقوبة مفاجأة لإِصابة المعصية غير متراخية عنها، وأن الستر متراخ بعثه ذلك على اجتناب المعصية وتوقيها.
وقوله: "فهو إلى الله" أي أمره مفوض إلى الله تعالى، وفي هذا رد على الخوارج الذي يكفرون بالذنوب، ورد على المعتزلة الذي يوجبون تعذيب الفاسق إذا مات بلا توبة، لأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أخبر بأنه تحت المشيئة، ولم يقل: إنه لا بد أن يعذبه، وفيه إشارة إلى الكف عن الشهادة بالنار على أحد، أو بالجنة لأحد، إلا من ورد النص فيه بعينه.
قال في "الفتح": أما الشق الأول فواضح، وأما الثاني فالإِشارة إليه إنما تستفاد من الحمل على غير ظاهر الحديث، وهو متعين.
وقوله: "إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه" هذا يتناول من تاب ومن لم يتب، وإنه لم يتحتم دخوله النار، بل هو إلى مشيئة الله، وقال الجمهور: إن التوبة ترفع المؤاخذة، نعم لا يأمن من مكر الله لأنه لا اطّلاع له على قبول توبته، وقيل بالتفرقة بين ما يجب فيه الحد وما لا يجب، واختلف فيمن أتى ما يوجب الحد، فقيل: يجوز أن يتوب سرًّا ويكفيه ذلك، وقيل: الأفضل له أن يأتي الإِمام ويعترف به، ويسأله أن يقيم عليه الحد، كما وقع لماعِز والغامِدية، وفصل بعض العلماء بين أن يكون معلنًا بالفجور، فيُستحب أن يعلن توبته، وإلا فلا.
الأول: أبو اليمان، والثاني: شعيب، وقد مرا في السابع من بدء الوحي.