حدة في العلم. وقوله: إلَّا أدخله الله الجنة، في حديث عُتبة بن عبد الله السُّلَمي عند ابن ماجه، بإسناد حسن، نحو حديث الباب، لكن فيه "إلَّا تَلَقَّوه من أبواب الجنة الثمانية، من أيها شاء دخل" وهذا زائد على مطلق دخول الجنة، ويشهد له ما رواه النَّسائي بإسناد صحيح عن معاوية ابن قُرَّة عن أبيه، مرفوعًا في أثناء حديث "ما يسرُّك أن لا تأتي بابًا من أبواب الجنة إلا وجدته عنده يسعى بفتح لك".
وقوله: بفضل رحمته إياهم، أي بفضل رحمة الله للأولاد، وقال ابن التين: قيل إن الضمير في رحمته للأب، لكونه كان يرحمهم في الدنيا، فيجازي بالرحمة في الآخرة، والأوَّلُ أولى، ويؤيده أن في رواية ابن ماجه، من هذا الوجه، "بفضل رحمة الله إياهم" وللنَّسَائيّ عن أبي ذَرٍ "إلَّا غفر الله لهما بفضل رحمته" وللطبرانيّ وابن حِبّان عن الحارث بن أُقَيْشٍ، وهو بقاف ومعجمة مصغر، مرفوعًا "ما من مسلِمَيْن يموت لهما أربعة أولاد، إلا أدخلهما الله الجنة بفضل رحمته"، وفي حديث عمرو بن عنبسة المتقدم "إلا أدخله الله برحمته، هو وإياهم" قاله بعد قوله "من مات له ولدان" فوضح بذلك أن الضمير في قوله: إيَّاهم، للآباء لا للأولاد.
قد مرّوا، مرَّ أبو معمر وعبد الوارث في السابع عشر من العلم، ومرَّ عبد العزيز بن صُهيب في الثامن من الإيمان، وأنس في السادس منه، فيه التحديث بالجمع والعنعنة والقول، ورواته كلهم بصريون، وهو من الرباعيات، أخرجه النسائي وابن ماجه في الجنائز.
حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَصْبَهَانِيِّ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضى الله عنه أَنَّ النِّسَاءَ قُلْنَ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: اجْعَلْ لَنَا يَوْمًا. فَوَعَظَهُنَّ، وَقَالَ أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَ لَهَا ثَلاَثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ كَانُوا حِجَابًا مِنَ النَّارِ. قَالَتِ امْرَأَةٌ وَاثْنَانِ. قَالَ: وَاثْنَانِ.
قوله: اجعل لنا يومًا، تقدم في العلم في الباب المذكور آنفًا بأتم من هذا، وقوله: ما من امرأة، إنما خص المرأة بالذكر لأنّ الخطاب حينئذ كان للنساء، وليس له مفهوم لما في بقية الطرف. وقوله: ثلاثة، في رواية أبي ذَرٍّ "ثلاث"، وقد تقدم توجيهه في الذي قبله، وقوله: من الوَلَد، بفتحتين، وهو يشمل الذكر والأنثى، والجمع والمفرد، كما مرَّ دليل ذلك، وقوله: "إلا كانوا" في رواية المستملي والحموي "إلا كُنَّ" بضم الكاف وتشديد النون، وكأنه أنَّث باعتبار الأنفس أو النسمة. وفي رواية أبي الوقت "إلا كانوا لها حجابًا" وقوله: قالت امرأة، قد تقدم في كتاب "العلم" في الباب المذكور ما في المرأة من الخلاف، وتقدمت مباحثه هناك.