قال ابن رشيد: الإِذن بكسر الهمزة وسكون المعجمة، وضبطه ابن المرابط بمد الهمزة وكسر الذال، على وزن الفاعل، والأول أوجه، والمعنى الإعلام بالجنازة إذا انتهى أمرها، ليصلى عليها. قيل: هذه الترجمة تغاير التي قبلها، من جهة أن المراد بها الإِعلام بالنَّفْس وبالغير، وقال الزين بن المنير: هي مرتبة على التي قبلها؛ لأنّ النعي إعلام من لم يتقدم له علم بالميت، والإِذن إعلام من علم بهيئته أمره وهذا أحسن.
ثم قال: وقال أبو رافع عن أبي هريرة، رضي الله تعالى عنه، قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ألا كنتم آذنتموني؟ ". مناسبته للترجمة واضحة، وهذا التعليق طرف من حديث أخرجه في باب كنس المسجد، ومرَّ الكلام عليه هناك، وأبو رافع قد مرَّ في الثالث والثلاثين من الغُسل، ومرَّ أبو هريرة في الثاني من الإيمان.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: مَاتَ إِنْسَانٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَعُودُهُ فَمَاتَ بِاللَّيْلِ فَدَفَنُوهُ لَيْلاً، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَخْبَرُوهُ فَقَالَ مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تُعْلِمُونِي. قَالُوا كَانَ اللَّيْلُ فَكَرِهْنَا وَكَانَتْ ظُلْمَةٌ أَنْ نَشُقَّ عَلَيْكَ. فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ.
قوله: وكان الليل، بالرفع، وكذا قوله: وكانت ظلمةٌ، فكان فيهما تامة، وقوله: قبره، فصلى عليه، قد مرَّ استيفاء الكلام على الصلاة على القبر، وعلى جميع مباحث هذا الحديث، عند حديث أبي هُريرة في باب كنس المسجد. والإِنسانُ المصلَّى على قبره هو طلحةُ بن البَرَاء، ويأتي تمام تعريفه في سند هذا الحديث.
قد مرّوا، وفيه ذكر إنسان مبهم، الأول محمد غير منسوب، وهو إما محمد بن سلام، أو ابن المثنى؛ لأنّ كلًا منهما يروى عن أبي معاوية، والأول مرَّ في الثالث عشر من الإيمان، ومرَّ الثاني