"أعطيت رفقاء نجباء، فذكره فيهم، هاجر إلى الحبشة، فأسلم النجاشيّ ومن تبعه على يديه، وأقام جعفر عنده ثم هاجر منها إلى المدينة، فقدم والنبيّ -صلى الله عليه وسلم- بخيبر.
وروى البغويّ وابن السّكْن عن عائشة قالت: لما قدم جعفر وأصحابه، استقبله النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فقبل ما بين عينيه، وقال ما أدري بأيهما أشد فرحًا، بقدوم جعفر أم بفتح خيبر؟ وروى ابن السَّكْن عن عبد الله بن جعفر قال: ما سألت عليًا، فامتنع فقلت له: بحق جعفر إلا أعطاني.
استشهد بمؤتة من أرض الشام مقبلًا غير مدبر، مجاهدًا للروم في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، سنة ثمان في جمادى الأولى. وكان أسن من علي بعشر سنين، وعقيل أكبر منه هو بذلك، وطالب أكبر من عقيل بذلك، فاستوفى أربعين سنة أو زاد. وأخرج أبو داود أنه يوم مؤتة اقتحم عن فرس له شقراء، فعقرها ثم تقدم فقاتل حتى قتل. وهو أول من عقر في الإِسلام، فقطعت يداه جميعًا، فقال عليه الصلاة والسلام: "أبدله الله بيديه جناحين يطير بهما في الجنة حيث شاء" فمنه قيل له ذو الجناحين.
وروى الطبرانيّ عن ابن عمر "كنت معهم في تلك الغزوة، فالتمسنا جعفرًا، فوجدنا فيما أقبل من جسمه بضعًا وتسعين، من بين طعنة ورمية. ولما أتى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- نعي جعفر، أتى امرأته أسماء بنت عُمَيس، فعزاها في زوجها، فدخلت فاطمة تبكي وتقول: واعماه. قال عليه الصلاة والسلام: "على مثل جعفر فلتبك البواكي" وروى الطبرانيّ عن ابن عباس أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "رأيت جعفرًا يطير في الجنة مع الملائكة". وروى أيضًا عن سالم بن أبي الجعد قال: "أري النبيّ -صلى الله عليه وسلم- جعفرًا ذا جناحين مضرجين بالدماء". وذلك لأنه قاتل حتى قطعت يداه.
وفي الصحيح أن ابن عمر كان إذا سلم على عبد الله بن جعفر قال له: (السلام عليك يا ابن ذي الجناحين) وروى الدارقطنيّ في "الغرائب" لمالك، بإسناد ضعيف عن ابن عمر، قال: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فرفع رأسه إلى السماء فقال: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. فقال الناس: يا رسول الله، ما كنت تصنع هذا، قال: مرَّ بي جعفر بن أبي طالب في ملأ من الملائكة فسلّم علي. وفي فوائد أبي سهل عن ابن عباس: بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس وأسماء بنت عميس قريبة منه إذ قال: (يا أسماء هذا جعفر بن أبي طالب قد مرَّ مع جبريل وميكائيل، فردي عليه السلام). الحديث.
وفيه (فعوضه الله من يديه جناحين يطير بهما حيث شاء). وروى عبد الرزاق عن ابن المسيب قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: مثل لي جعفر وزيد وابن رواحة في خيمة من، ورأى واحد منهم على سرير، فرأيت زيدًا وابن رواحة، وفي أعناقهما صدود ورأيت جعفرًا مستقيمًا، ليس فيه صدود قال: