وأخرج ابن سعد بإسناد حسن عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لزيد بن حارثة: "يا زيد أنت مولاي ومني وإليّ وأحب الناس إليّ" وأخرج التِّرمذيّ وغيره من حديث عائشة قالت: قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيتي، فقرع الباب فأتاه، وقام إليه حتى اعتنقه وقبّله.
وروى من طريق صحيح، عن ابن عمر: فرض عمر لأسامة أكثر مما فرض لي، فسألته فقال: إنه كان أحب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منك، وإن أباه كان أحب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أبيك. وروى عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: أحب الناس إلي من أنعم الله عليه، وأنعمت عليه، يعني زيد بن حارثة، أنعم الله عليه بالإسلام، أنعم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عليه بالعتق، ولما أتاه عليه الصلاة والسلام نعيُ زيد وجعفر بكى وقال: "أخواي، ومؤنساي، ومحدثاي". وأخرج ابن عبد البر بسنده عن الليث بن سعد قال: بلغني أن زيد بن حارثة اكترى من رجل بغلًا من الطائف، واشترط عليه الكرّاء أن ينزله حيث شاء، فمال به إلى خربة فقال: إنزل فنزل، فإذا في الخربة قتلى كثيرة، قال فلما أراد أن يقتله، قال له: دعني أصلي ركعتين قال: صل، فقد صلى هؤلاء فلم تنفعهم صلاتهم شيئًا، قال: فلما صليت أتاني ليقتلني فقلت يا أرحم الراحمين، قال: فسمع صوتًا: لا تقتله، فهاب ذلك، فخرج يطلبه، فلم ير شيئًا فرجع إليّ، فناديت: يا أرحم الراحمين، فعل ذلك ثلاثًا، فإذا أنا بفارس على فرس في يده حربة حديد، في رأسها شعلة من نار، فطعنه بها فأنفذها من ظهره فوقع ميتًا، قال: لما دعوت في المرة الأولى كنت في السماء السابعة، ولما دعوت في الثانية كنت في السماء الدنيا، ولما دعوت في الثالثة أتيتك.
له أربعة أحاديث، روى عنه أنس وابن عباس وابنه أسامة. له رواية في البخاري في قصة زينب بنت جحش.
الثاني جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قُصي أبو عبد الله، ابن عم النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وأحد السابقين إلى الإِسلام، وشقيق علي. قال ابن إسحاق: أسلم بعد خمسة وعشرين رجلًا، وقيل بعد واحدٍ وثلاثين. وآخى النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وفي البخاريّ عنه قال: كان جعفر خير الناس للمساكين. وروى الترمذيّ، والنَّسائي، بإسناد صحيح عن أبي هُريرة قال: ما احتذى النِّعال، ولا ركب المطايا، ولا وطىء التراب بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أفضل من جعفر بن أبي طالب.
وروى البغويّ عن أبي هُريرة قال: كان جعفر يحب المساكين، ويجلس إليهم، ويخدمهم ويخدمونه، ويحدثهم ويحدثونه، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكنِّيه أبا المساكين. وفي البخاريّ ومسلم من حديث البراء "أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال له: أشبهت خَلقي وخُلْقي" وفي المسند من حديث عليّ، رفعه