وقال ابن سيرين: كان أربعة يصدقون من حدثهم، ولا يبالون ممن يسمعون: الحَسَن وأبو العالية وحميد بن هلال، ولم يذكر الرابع. وفي بعض النسخ: وداود بن أبي هند. قاله الدارقطنيّ في أحاديث القهقهة من السنن. قلت: وهو وارد على تفسير أبي حاتم لقدح ابن سيرين فيه.
روى عن أنس وعبد الله بن مغفل، وعبد الرحمن بن سمرة وغيرهم. وروى عنه أيوب السَّخْتِيانيّ وعاصم الأحول وقَتَادة وشُعْبَة وغيرهم. مات في ولاية خالد على العراق.
والباقي من المذكورين في الحديث ثلاثة:
الأول زيد بن حارثة بن شَرَاحيل بن كعب بن عبد العُزّى إلى تم النسب الذي تقدم في نسب ولده أسامة، في أول الوضوء الكلبي، وأمه سُعدى بنت ثعلبة بن عبد عامر من بني مَعْن بن طيىء. وأخرج ابن الكلبي قال: زارت سعدى أم زيد بن حارثة قومها وزيد معها، فأغارت خيل لبني القين بن جَسْر في الجاهلية على أبيات بني مَعْن، فاحتملوا زيدًا وهو غلام يفقه، فأتوا به سوق عكاظ فعرضوه للبيع، فاشتراه حكيم ابن حِزام لعمته خديجة، بأربع مئة درهم، فلما تزوجها النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهبته له، وقال أبوه حارثة بن شراحيل حين فقده:
بَكيتُ على زيدٍ ولم أدرِ ما فَعلْ ... أحيّ فَيُرجى أم أتى دونَه الأجلْ
فواللهِ لا أدري وإن كنتُ سائِلًا ... أغالك سهلُ الأرضِ أم غَالك الجبلْ
فَياليتَ شِعري هل لكَ الدَّهر رَجعةً ... فحَسبي من الدُّنيا رُجُوعك لي نَجلْ
تُذَكِّرْنيه الشَّمسُ عندَ طلُوعِها ... ويعرضُ ذِكراه إذا قارب الصفل
وإن هبَّت الأرواحُ هَيجَّن ذِكْرهُ ... فَيا طولَ حُزني عليه وَيا وَجَل
سأعمل نص العيس في الأرض جاهدًا ... ولا أسأم التَطوافُ أو تسأَمُ الإِبلْ
حياتي أو تأتي علي مُنيتي ... وكُل امرىء فانٍ وإن غَرَّهُ الأَمَلْ
سأوصي به عُمرًا وقَيْسًا كِلَيْهِما .... وأوصي يَزيدًا ثم من بعْدِه جَبَلْ
يعني بعمرو وقيس أخويه، وبيزيد أخا زيد لأمه، وهو يزيد بن كعب بن شراحيل، وبجبل أخا زيد أكبر منه، قال: فحج ناسٌ من كلب فرأوا زيدًا، فعرفهم وعرفوه، فقال لهم أبلغوا أهلي هذه الأبيات، فإني أعلم أنهم قد جزعوا علي:
أحِنُّ إلى قومي وإن كنتُ نائِبًا ... فإني فطينُ البيتِ عند المشاعِرِ
فَكفوا عن الوجدِ الذي قد شجاكم ... ولا تُعْملوا في الأرض نَصَّ الأباعرِ
فإني بحمد الله في خيرِ أسرةٍ ... كرامُ مَعَدٍّ كابرًا بعد كابرِ