الركعة قال: سمع الله لمن حمده، فقال رجل وراءه: ربنا لك الحمد" إلى آخره بنحوه. وقد تقدم في صفة الصلاة بشرحه، ولمسلم وغيره عن أنس، جاء رجل فدخل في الصف، وقد حَفَزَه النَّفَسُ، فقال: الله أكبر، الحمد لله حمدًا طيبًا مباركًا فيه. الحديث، وفيه "لقد رأيت إثني عشر ملكًا يبتدرونها أيهم يرفعها".
وأخرج الطبرانيّ وابن السنيّ عن عامر بن ربيعة نحوه، بسند لا بأس به، وأخرج ابن السنيّ، بسند ضعيف عن أبي رافع، قال: كنت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فعطس فخلّى يدي.، ثم قام فقال شيئًا لَم أفهمه، فسألته فقال: "أتاني جبريل فقال: إذا أنت عطستَ فقلْ: الحمد لله لكرمه، الحمد لله لعز جلاله. فإن الله عَزَّ وَجَلَّ يقول: صدق عبدي ثلاثًا، مغفورًا له".
وأما الثناء الخارج عن الحمد، فورد فيه ما أخرجه البيهقيّ في الشعب عن الضحاك بن قيس اليشكريّ قال: عطس رجل عند ابن عمر فقال: الحمد لله رب العالمين، فقال ابن عمر: لو تممها "والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، ويعارضه ما أخرجه الترمذيّ قال: عطس رجل فقال: الحمد لله والصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال ابن عمر: الحمد لله والصلاة على رسول الله، ولكن ليس هكذا علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. قال الترمذيّ: غريب لا نعرفه إلا من رواية زياد بن الربيع، وهو صدوق، وفيه نظر، ورجح البيهقيّ ما تقدم على رواية زياد، ولا أصل لما اعتاده كثير من الناس من استكمال قراءة الفاتحة، بعد قوله الحمد لله رب العالمين، وكذا العدول عن الحمد لله إلى أشهد أن لا إله إلا الله، أو تقديمها على الحمد، فمكروه.
وأخرج المصنف في "الأدب المفرد" عن مجاهد، بسندٍ صحيح، أن ابن عمر سمع ابنه عطس فقال: أبّ، فقال: وما أب؟ إن الشيطان جعلها بين العطسة والحمد. وأخرجه ابن أبي شيبة بلفظ "إش" بدل، "أب"، ونقل ابن بطّال عن الطبرانيّ أن العاطس يتخير بين أن يقول الحمد لله، أو يزيد رب العالمين، أو على كل حال. والذي يتحرر من الأدلة أن كل ذلك مُجزىء، لكن ما كان أكثر ثناءً كان أفضل، بشرط أن يكون مأثورًا.
وقال النوويّ في الأذكار: اتفق العلماء على أنه يستحب للعاطس أن يقول: الحمد لله، ولو قال الحمد لله رب العالمين، لكان أحسن. فلو قال الحمد لله على كل حال، كان أفضل. كذا قال. والأخبار التي ذكرت تقتضي التخيير ثم الأولوية.
وقال الحليميّ: الحكمة في مشروعية الحمد للعاطس، أن العطاس يدفع الأذى من الدماغ الذي فيه قوة الفكر، ومنه منشأ الأعصاب التي هي معدن الحس، وسلامته تسلم الأعضاء، فيظهر بهذا أنها نعمة جليلة، فناسب أن تُقَابَل بالحمد لله، لما فيه من الإقرار لله بالخلق والقدرة، وإضافة