في نسخة الصغاني "أبواب" وقوله: "من أمر الصلاة" احترز به عما يصدر عن قصد العبث، فإنه مكروه، ثم قال: وقال ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما: يستعين الرجل في صلاته من جسده بما شاء، كَيدِهِ إذا كان من أمر الصلاة، مثل تحويله عليه الصلاة والسلام ابنَ عباس إلى جهة يمينه في الصلاة في الحديث التالي، وإذا جازت الاستعانة بها للصلاة، فكذا بما شاء من جسده قياسًا عليها، وهذا الأثر لم أقف عليه موصولًا. وابن عباس مرّ في الخامس من بدء الوحي.
ثم قال: ووضع أبو إسحاق قَلَنْسُوَتَه في الصلاة ورفعها، وهذا الأثر أيضًا لم أره موصولًا، وأبو إسحاق السّبيعي قد مرّ في الثالث والثلاثين من الإيمان.
ثم قال: "ووضع عليٌّ رضي الله تعالى عنه، كفه على رُصْغِه الأيسر إلا أن يحك جلدًا أو يصلح ثوبًا والرُّصْغ، بسكون المهملة بعدها معجمة، قال صاحب العين: هو لغةٌ في الرُّسْغ، وهو مَفْصِل ما بين الكف والساعد. وقوله: "إلا أن يحك جلدًا" الخ هذا الاستثناء جعله ابن رشيد والإسماعيلي في مستخرجه، وعلاء الدين مُغَلْطَاي في شرحه، مستثنىً من الترجمة، وقالوا: الصواب أن يكون مقدمًا قبل قوله: وقال ابن عباس وهذا غلط، فإن الاستثناء بقية أثر عليّ، كما رواه مسلم بن إبراهيم شيخ البخاريّ عن غَزوان بن جرير الضَّبَيّ عنِ أبيه. وكان شديد الملازمة لعليّ رضي الله تعالى عنه، قال: كان إذا قام إلى الصلاة فكبّر ضَرَب بيده اليمنى على رُسُغِه الأيسر، فلا يزال كذلك حتى يركع، إلاَّ أنْ يحك جلدًا أو يُصلح ثوبًا، كذا رواه في السفينة الجرائدية عن السلفي بسنده إلى مسلم بن إبراهيم، وكذلك أخرجه ابن أبي شَيبة من هذا الوجه بلفظ "إلاَّ أنْ يصلح ثوبه أو يحك جسده"، وهذا هو الموافق للترجمة.
ولو كان أثر عليّ انتهى عند قوله: "الأيسر" لما كان فيه تعلق بالترجمة إلا ببعد، وهذا من فوائد تخريج التعليقات، ثم إن ظاهر هذه الآثار يخالف الترجمة؛ لأنها مفيدة بما إذا كان العمل من أمر الصلاة، وهي مطلقة، وكان المصنف أشار إلى أن إطلاقها مقيد بما ذكر ليخرج العبث، ويمكن أن يقال لها تعلق بالصلاة؛ لأن رفع ما يؤدي المصلي، يعين على دوام خشوعه المطلوب في الصلاة، ويدخل في الاستعانة التعلق بالحبل عند التعب، والاعتماد على العصا ونحوهما. وقد رخَّصَ فيه بعضُ السلف، وقد مرّ الأمر بحل الحبل في أبواب قيام الليل، وسيأتي ذكر الاختصار بعد أبواب، وقد مرّ عليّ في السابع والأربعين من العلم.