وزاد عبد الكريم أبو أُمية: ولا حول ولا قوة إلا بالله. وهذا موصول بالإسناد الأول، ووهم مَنْ زعم أنه معلَّق، وقد بين ذلك الحُميديّ في مسنده وأبو نعيم في مستخرجه، وسفيان بن عُيَينة قد مرّ الآن في السند، وعبد الكريم أبو أمية ابن أبي المَخارق، واسم أبي المخارق قَيْس، ويقال: طارق البَصْريّ.
قال معمر: ما رأيت أيوب اغتاب أحدًا إلا عبد الكريم أبا أُمية، فإنه ذكره فقال: رحمه الله، كان غير ثقة. قال أبو داود: ما روى مالك عن أضعف منه، ويقال: إن مالكًا لم يرو عن ضعيف سواه. قال ابن عبد البرّ: مُجْمع على ضعفه، ومن أجَلّ من جَرَّحه أبو العالية وأيوب مع ورعه، غَرَّ مالكًا سمتُه، ولم يكن من أهل بلده، ولم يخرج عنه حكمًا إنما ذكر عنه ترغيبًا.
لم يذكر له البخاريُّ إلا هذا الموضع. قال ابن حَجَر: وبعتذر عن البخاري بأمرين. أحدهما أنه إنما أخرج له زيادة في حديث تتعلق بفضائل الأعمال. الثاني أنه لم يقصد التخريج له، وإنما ساق الحديث المتصل، وهو على شرطه، ثم أتبعه بزيادة عبد الكريم؛ لأنه سمعه هكذا، كما وقع له قريب من ذلك في حديث صخر الغامديّ بالنسبة للحسن بن عُمارة في البيوع، وفي حديث عبد الله بن زيد المازنيّ في الاستسقاء بالنسبة للمسعوديّ، وأما كون الشيخين أخرجا لعبد الكريم هذا في كتاب الحج عن مُجَاهِد، فهو وهم. فعبد الكريم المذكور في ذلك الحديث المرادُ به الجَزَريَّ. وقيل: إن مسلمًا روى له في المتابعات، وقال الحافظ المنذريّ، إن مسلمًا لم يخرج له شيئًا أصلًا، لا متابعة ولا غيرها، وإنما أخرج لعبد الكريم الجزريّ، وقال معمر: سألني حمّاد بن أبي سُليمان عن فقهائنا، فذكرتهم. فقال: تركت أفقههم، يعني عبد الكريم أبا أُمية. قال أحمد بن حنبل: كان يوافقه على الأرجاء. وقال خالد الحذّاء: كان عبد الكريم إذا سافر يقول أبو العالية: اللهم لا ترد علينا صاحب الأكسية. وعده أبو داود من خير أهل البصرة.
روى عن أنس بن مالك وعمرو بن سعيد بن العاص، وطاوس، وحسان بن بلال، وغيرهم. وروى عنه عطاء ومجاهد، وهما من شيوخه، ومالك والسفيانان وأبو حَنيفة وحمّاد بن سَلَمة وغيرهم. مات سنة ست أو سبع وعشرين ومئة. ثم قال: قال سفيان: قال سليمان بن أبي مسلم: سمعه من طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. وهذا موصول أيضًا. وإنما أراد بيان سماع سليمان له من طاوس لإيراده له أولًا بالعنعنة. وفي رواية الحُميدي المذكورة التصريح بالسماع أيضًا، ولأبي ذَرٍّ وحده، قال عليّ بن خَشرم: قال سفيان ... إلخ.
ولعل هذه الزيادة عن الغَربريّ، فإن عليّ بنَ خشرم لم يذكروه في شيوخ البخاري، وأما الغربريّ فقد سمع من عليّ بن خشرم كما يأتي في أَحاديث الأنبياء، في قصة الخضر وموسى، فكان هذا الحديث أيضًا. كان عنده عاليًا عن عليّ بن خشرم عن سفيان، فذكره لأجل العلو.
رجاله أربعة: مرّوا في الذي قبله تعريفًا ومحلًا.
ثم قال المصنف: