التعليم لتقتدي به أُمته، كذا قيل، والأَوْلى أنه لمجموع ذلك، وإلا لو كان للتعليم فقط، لكفى فيه أمرهم بأن يقولوا. والمغفرة تغطية الذنب، وكل ما غُطِّي فقد غُفِر، ومنه المغفرة.
وقوله: "ما قدمتُ وما أخرت" أي قيل: هذا الوقت وما أخرت عنه، وقوله: "وما أسررت وما أعلنت" أي. أخفيت وأظهرت، أو ما حدثت به نفسي، وما تحرك به لساني. وزاد في "التوحيد" عن ابن جُرَيج "وما أنت أعلم به مني" وهو من العام بعد الخاص، وقوله: "أنت المقدَّم والمؤخَّر" باسم المفعول فيهما، أي: أنت الأول، وأنت الآخر، أو باسم الفاعل، أي: أنت المقدِّم لي، والمؤخِّر، أشار بذلك إلى نفسه؛ لأنه المقدم له في البعث في الآخرة، والمؤخر له في البعث في الدنيا. كما قال في الحديث: "نحن الآخرون السابقون" وفي رواية ابن جُرَيج في الدعوات: "أنت إلهي لا إله غيرك" قال الكَرَمانيّ: هذا الحديث من جوامع الكلم، لأن لفظ "القيّم" إشارة إلى أن وجود الجواهر وقوامها منه، والنور إلى أن الأعراض أيضًا منه، والمُلك إلى أنه حاكم عليها ايجادًا وإعدامًا بفعل ما يشاء، وكل ذلك من نِعَم الله تعالى على عباده، فلهذا قرن كلًا منها بالحمد، وخصص الحمد به.
ثم قوله: "أنت الحق" إشارة إلى المبدأ. والقول ونحوه إلى المعاش، والساعة ونحوها إشارة إلى المعاد، وفيه إشارة إلى النبوة، وإلى الجزاء ثوابًا وعقابًا، ووجوب الإيمان، والإِسلام والتوكل، والإنابة والتضرع إلى الله، والخضوع له. وفيه زيادة معرفة النبي -صلى الله عليه وسلم-، بعظمة ربه وعظيم قدرته، ومواظبته على الذكر والدعاء والثناء على ربه، والاعتراف بحقوقه، والإقرار بصدق وعده ووعيده. وفيه استحباب تقديم الثناء على المسألة عند كل مطلوب، اقتداء به -صلى الله عليه وسلم-.
مرّ منهم عليّ بن المَدِينيّ في الرابع عشرمن العلم، ومرّ ابن عُيينة في الأول من بدء الوحي، ومرّ طاوس في باب مَنْ لم يرَ الوضوء إلاَّ من المخرجين بعد الأربعين من الوضوء، ومرّ ابن عباس في الخامس من بدء الوحي.
الخامس: سليمان بن أبي مسلم المكيّ الأَحْول خال أبي نَجِيح، يقال: اسم أبي مسلم عبد الله، قال سفيان: حدثنا سليمان الأحول، وكان ثقة. وقال أحمد وابن مُعين وأبو حاتم وأبو داود والنَّسَائيّ: ثقة. وذكره ابن حِبان في الثقات. وقال ابن شاهين في "الثقات" قال أحمد: ثقة ثقة، وقال العَجْليّ: ثقة. روى عن طارق بن شِهاب وسعيد بن جُبير ومُجاهد وعطاء وغيرهم. وروى عنه ابن جُرَيج وحُسين المعلم وشُعبة وغيرهم.
فيه التحديث بالجمع والعنعنة والسماع والقول، ورواته بصريٌّ ومكيّان ويمانيّ. أخرجه البخاري أيضًا في الدعوات وفي التوحيد، والنَّسائيُّ وابن ماجةَ في الصلاة ثم قال: قال سفيان: