على أربعة أيام أتم. على خلاف بين أصحابه في دخول يومي الدخول والخروج فيها، وعند مالك وأحمد ما دام لم ينو إقامة أربعة أيام صحاح بلا يوم الدخول ولا يوم الخروج يقصر، ولو جلس سنين. وفيما يقطع السفر ويوجب الإتمام أقوال كثيرة غير ما ذكر.
فقد نقل ابن حزم عن سعيد بن جبير أنه قال إذا وضعت رجلك بأرضٍ فاتم. وهو في "المصنف" عن عائشة وطاووس بسند صحيح، وعن ابن عباس بسند صحيح مثله. وقيل: إقامة يوم وليلة. حكاه ابن عبد البر عن ربيعة، وقيل: ثلاثة أيام. قاله ابن المسيب وقيل: إذا أقام أكثر من أربعة أيام، إلى غير هذا من الأقوال.
قد مرّوا، مرّ موسى بن إسماعيل وأبو عوانة في الخامس من بدء الوحي، ومرَّ عاصم الأحول في الخامس والثلاثين من الوضوء ومرّ حصين بن عبد الرحمن في الثالث والسبعين من مواقيت الصلاة، ومرّ عكرمة في السابع عشر من العلم، ومرَّ ابن عباس في الخامس من بدء الوحي.
فيه التحديث بالجمع والعنعنة والقول، ورواته ما بين بصري وواسطي وكوفي ومدني، وفيه ثلاثة من التابعين، أخرجه البخاري أيضًا في المغازي وأبو داود في الصلاة، وكذلك الترمذي وابن ماجه.
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ. قُلْتُ: أَقَمْتُمْ بِمَكَّةَ شَيْئًا؟ قَالَ: أَقَمْنَا بِهَا عَشْرًا.
قوله: "من المدينة" في رواية شعبة عن يحيى بن أبي إسحاق عند مسلم إلى الحج. وقوله: "فكان يصلي ركعتين ركعتين" في رواية البيهقي عن يحيى بن أبي إسحاق عن أنس إلاَّ في المغرب.
وقوله: "أقمنا بها عشرًا" أي: عشرة أيام، وإنما حذفت التاء من العشر، مع أن اليوم مذكّر، لأن المميز إذا لم يكن مذكورًا يجوز في العدد التذكير والتأنيث. ولا يعارض هذا الحديث حديث ابن عباس المذكور؛ لأن حديث ابن عباس كان بفتح مكة، وحديث أنس في حجة الوداع، قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه لصبح رابعة. الحديث، ومعلوم أنه خرج من مكة صبح الرابع عشر، فتكون مدة الإقامة بمكة وضواحيها عشرة أيام بلياليها. كما قال أنس: وتكون مدة إقامته أربعة أيام سَواء؛ لأنه خرج منها في اليوم الثامن، فصلّى الظهر بمِنًى.