الكلام على ما في هذا الباب قد مرّ في "باب مَنْ قرأ السجدة ولم يسجد" عند حديث زيد بن ثابت. ثم قال: وقيل لعمران بن حصين: الرجل يسمع السجدة، ولم يجلس لها قال: أرأيت لو قعد لها. كأنّه لا يوجبه عليه، ولفظ مطرت: سألت عمران بن حصين عن الرجل لا يدري أَسمع السجدة أو لا؟ فقال: وسمعها أو لا فماذا؟ وروى عبد الرزاق من وجه آخر عن مطرف أنَّ عمران مرّ بقاص فقرأ القاص السجدة، فمضى عمران ولم يسجد معه. إسنادهما صحيح.
وقوله: "لو قعد لها" جواب لو محذوف يعني: لا يجب عليه شيء. وقوله: كأنه لا يوجبه عليه من كلام البخاري. أي: كان عمران لا يوجب السجود على الذي قعد لها للاستماع، فإذا لم يوجب على المستمع فعدمه على السامع بالطريق الأولى.
وهذا التعليق وصله ابن أبي شيبة من طريق مطرف، مرّ عمران بن حصين في الحادي عشر من التيمم. ثم قال: وقال سلمان: ما لهذا غدونا أي: ما غدونا لأجل السماع. فكأنه أراد بيان أنا لم نسجد لأنا ما كنا قاصدين السماع. وهذا طرف من أثر، وصله عبد الرزاق من طريق أبي عبد الرحمن السُّلمي قال: مرّ سلمان على قوم قعود فقرأوا السجدة، فسجدوا. فقيل له، فقال: ليس لهذا غدونا. وإسناده صحيح. وسلمان مرّ في الحادي والثلاثين من الجمعة. ثم قال: وقال عثمان -رضي الله عنه-: إنما السجدة على مَنْ استمعها. قوله على مَنْ استمعها يعني: لا على السامع. والفرق بينهما أن المستمع مَنْ كان قاصدًا للسماع مصغيًا إليه. والسماع مَنْ اتفق سماعه من غير القصد إليه. وهذا وصله عبد الرزاق عن معمر وابن أبي شيبة، وسعيد بن منصور من طريق قتادة بلفظ: إنما السجدة على مَنْ جلس لها واستمع. ولفظ رواية معمر أن عثمان مرَّ بقاص فقرأ سجدة ليسجد معه عثمان. فقال عثمان: إنما السجود على مَنْ استمع، فمضى عثمان ولم يسجد. وعثمان مرَّ في تعليق بعد الخامس من العلم. ثم قال: وقال الزهري: لا يسجد إلاَّ أن يكون طاهرًا، فإذا سجدت وأنت في حضر فاستقبل القبلة، فإن كنت راكبًا فلا عليك حيث كان وجهك.
وقوله: "إلاَّ أن يكون طاهرًا" يدل على أن الطهارة شرط لأداء سجدة التلاوة. وفيه خلاف ابن عمر والشعبي. كما مرَّ عند حديث زيد بن ثابت. قيل ليس بدال على عدم الوجوب؛ لأن المدعي يقول علق فعل السجود من القارىء والسامع على شرط، وهو وجود الطهارة، فحيث وجد الشرط لزم، لكن موضع الترجمة من هذا الأثر قوله: فإن كنت راكبًا فلا عليك حيث كان وجهك. لأن هذا