كذا للمستملي، وسقطت البسملة لأبي ذر، ولغير المستملي باب ما جاء في سجود القرآن. وقوله: "وسنتها" بتاء التأنيث أي: سجدة التلاوة، وللأصيلي "وسننه" بتذكير الضمير أي: سجود السهو ويأتي حكم سجودها عند الأئمة في باب مَنْ قرأ السجدة ولم يسجد. وقد وردت في القرآن في خمسة عشر موضعًا لحديث عمرو بن العاص، عند أبي داود والحاكم بإسناد حسن "اقرأني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خمس عشرة سجدة في القرآن منها ثلاث في المفصل، وفي الحج سجدتان". واتفقت الحنفية والشافعية على السجود في أربع عشرة منها، إلاَّ أن الشافعية قالوا في الحج سجدتان، وليس سجدة ص سجدة تلاوة، بل سجدة شكر، والحنفية قالوا بها إلا ثانية الحج، وعند الحنابلة مثل ما عند الشافعية، وعند المالكية في المشهور. وهو القول القديم للشافعي إنها إحدى عشر فلم يعدوا ثانية الحج ولا ثلاثة المفصل، لما رواه أبو داود وغيره عن ابن عباس أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة. ولأن ثانية الحج وقعت في مقابلة الركوع في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا}. والركوع أحد أركان الصلاة، فلا تكون محل سجود وأجاب القائلون بالسجود في المفصل عن الحديث المذكور في بعض رواته ضعف، وأن في إسناده اختلافًا، وعلى تقدير ثبوته، فرواية من أثبت ذلك أرجح. إذ المثبت مقدم علي المنافي وسيأتي عند المصنف عن أبي هريرة ثبوت السجود في "إذا السماء انشقت".
وروى البزار والدارقطني عن أبي هريرة أن -صلى الله عليه وسلم- سجد في سورة النجم، وسجدنا معه. الحديث. رجاله ثقات. وروى ابن مردويه في "التفسير" بإسناد حسن عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه رأى أبا هريرة سجد في خاتمة النجم فسأله، فقال: إنه رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسجد فيها وأبو هريرة إنما أسلم بالمدينة. وروى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن الأسود بن يزيد عن عمر أنه سجد في "إذا السماء انشقت" ومن طريق نافع عن ابن عمر أنه سجد فيها. قال في "الفتح": وفي هذا رد على مَنْ زعم أن عمل أهل المدينة استمر على ترك السجود في المفصل، ويحتمل أن يكون المنفي المواظبة على ذلك؛ لأن المفصل تكثر قراءته في الصلاة، فترك السجود فيه كثيرًا؛ لئلا تختلط الصلاة على مَنْ لم يفقه.
أشار إلى هذه العلة مالك في قوله: "بترك السجود" أصلًا في المفصل. وقال ابن القصار: