إن اللهَ قد نصركَ وأعطاكَ واستجابَ لكَ وإنَّ قومَكَ قد هلَكُوا" الحديث.
فعلى هذا كأن أبا سفيان وكعبًا حضرا جميعًا فكلمه أبو سفيان بشيء وكعب بشيء، فدل ذلك على اتحاد قصتهما، وقد ثبت في هذه ما ثبت في تلك من قوله: "إنك لجريء" ومن قوله: "فقال: اللهم حوالينا ولا علينا" وغير ذلك، وظهر بذلك أن أسباط بن نصر لم يغلط في الزيادة المذكورة ولم ينتقل من حديث إلى حديث وسياق كعب بن مرة يشعر بأن ذلك وقع في المدينة، لقوله: "استنصرت الله فنصرك"؛ لأن كلًا منهما كان بالمدينة بعد الهجرة، لكن لا يلزم من ذلك اتحاد هذه القصة مع قصة أنس بن مالك بل قصة أنس واقعة أخرى؛ لأن في رواية أنس "فلم يزل على المنبر حتى مطروا" وفي هذه فما كان إلا جمعة أو نحوها حتى مطروا، والسائل في هذه غير السائل في تلك فهما قصتان وفي كل منهما طلب الدعاء بالاستسقاء ثم طلب الدعاء بالاستصحاء وإن ثبت أن كعب بن مرة أسلم قبل الهجرة حمل قوله: "استنصرت الله فنصرك" على النصر بإجابة دعائه عليهم، وزال الإشكال المتقدم.
ومنصور مرّ الآن ذكر محله وأسباط قيل إنه أسباط بن نصر، وقيل أسباط بن محمد وعلى كل حال لابد من تعريف الاثنين الأول، والصحيح أنه هو المراد عند البخاري أسباط بن نصر الهمداني أبو يوسف أو أبو نصر.
ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال البخاري في "تاريخه الأوسط": صدوق، وقال ابن معين مرة: ثقة، وقال مرة: ليس بشيء، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال موسى بن هارون: لم يكن به بأس. وقال أبو حاتم سمعت أبا نعيم يضعفه علق له البخاري حديثًا في الاستسقاء لا غير.
وقال الساجي في الضعفاء ,وروى أحاديث لا يتابع عليها روى عن سِمَاك بن حرب ومنصور بن المعتمر وإسماعيل السدي وغيرهم، وروى عنه عمرو بن حماد القناد وأبو غسان النهدي ويونس بن بكير وغيرهم.
الثاني: أسباط بن محمد بن عبد الرحمن بن خالد بن ميسرة القرشي مولاهم أبو محمد قال محمد بن عبد الله بن عمار، قال لنا وكيع: اسمعوا منه فسمعنا منه وكان حديثه ثلاثة آلاف. وقال ابن معين: ثقة، وقال مرة: ليس به بأس وكان يخطىء عن سفيان، وقال أبو حاتم: صالح.
وقال يعقوب بن شيبة: كوفي ثقة صدوق، وقال النسائي والعجلي: ليس به بأس، وقال ابن سعد: كان ثقة صدوقًا إلا أن فيه بعض الضعف.
وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال البرقي عن ابن معين: الكوفيون يضعفونه وهو عندنا ثبت فيما يروي عن مطرف والشيباني، وقد سمعت أنا منه قال في المقدمة له في "صحيح البخاري" حديث واحد في تفسير قوله تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} في سورة (النساء).
روى عن الأعمش ومطرف بن طريف والثوري وغيرهم، وروى عنه أحمد بن حنبل وابنه