الخامس من كتاب "الصلاة"، ومرّ أبو سفيان في السابع من "بدء الوحي".

ثم قال: قال وزادَ أسباطٌ عن منصور فدعا رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فسُقُوا الغيثَ فأطبقَتْ عليهم سبعًا، وشكا الناسُ كثرة المطر. فقال: اللَّهُمَّ حوالينا ولا علينا فانحدرت السحابةُ عن رأسِه فسُقوا الناسُ حولهم".

قوله: "قال" أي البخاري، ولابن عساكر "قال أبو عبد الله"، وسقط ذلك كله لأبي ذر واقتصر على قوله: "وزاد أسباط" وأسباط هو ابن نصر، ووهم من زعم أنه أسباط بن محمد ويأتي تعريفهما قريبًا في السند.

وقوله: "عن منصور" يعني بإسناده المذكور قبله إلى ابن مسعود، وقد وصله الجوزقي والبيهقي عن علي بن ثابت عن أسباط بالسند المذكور عن ابن مسعود قال: "لما رأى رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- مِنَ الناس إدبارًا" فذكر نحو الذي قبله، وزاد "فجاء أبو سفيانَ وناسٌ من أهل مكةَ فقالوا: يا محمدُ إنّكَ تزَعمُ أنّكَ بُعثت رحمةً، وإنّ قومَكَ قد هلَكُوا فادعُ اللهَ لهم، فدعا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فسُقوا الغيث" الحديث. وأشاروا بقولهم: "بعثت رحمة" إلى قوله تعالى: {وَمَا أرْسَلْناكَ إلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}.

وقوله: "فسقوا الناس حولهم" كذا في جميع الروايات في "الصحيح" بضم السين والقاف وهو على لغة بني الحارث، وفي رواية البيهقي المذكورة: "فأسقي الناس حولَهم". وزاد بعد هذا فقال؛ يعني ابن مسعود لقد مرّت آية (الدخان) وهو الجوع الخ، وتعقب الداودي وغيره هذه الزيادة ونسبوا أسباط بن نصر إلى الغلط في قوله: "وشكا الناس كثرة المطر" الخ، وزعموا أنه أدخل حديثًا في حديث وأن الحديث الذي فيه شكوى كثرة المطر.

وقوله: "اللهم حوالينا ولا علينا" لم يكن في قصة قريش وإنما هو في القصة التي رواها أنس، وهذا التعقب مردود بأنه لا مانع من أن يقع ذلك مرتين والدليل على أن أسباط بن نصر لم يغلط ما أخرجه البيهقي في الدلائل عن شرحبيل بن السمط عن كعب بن مرة أو مرة بن كعب قال: دعا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- على مضرَ فأتاهُ أبو سفيانَ فقال ادعُ اللهَ لقومِكَ فإنَّهم قد هَلكُوا.

ورواه أحمد وابن ماجه عن الأعمش عن عمر بن مرة عن كعب بن مرة، ولم يشك فأبهم أبا سفيان، قال: "جاءَهُ رجلٌ فقال: استسق اللهِ لمضرَ، فقال إنَّكَ لجريء ألمضر. قال: يا رسولَ الله استنصرت الله فنصركَ، ودعوتَ اللهَ فأجابَكَ فرفعَ يديهِ فقال: اللَّهُمَّ اسقنا غيثًا مغيثًا مريعًا مريئًا طبقًا عاجلًا غيرَ رائثٍ نافعًا غيرَ ضارٍ قال: فأجيبوا فما لبثوا أن أتوه فشكوا إليه كثرةَ المطر فقالوا: قد تهدمتِ البيوت فقال: اللَّهُمَّ حوالينا ولا علينا فجعلَ السحابُ ينقطعُ يمينًا وشمالًا". فظهر بذلك أن هذا الرجل المبهم المقول له إنك لجريء هو أبو سفيان، لكن الظاهر أن فاعل "قال: يا رسول الله استنصرت الله" الخ هو كعب بن مرة راوي هذا الخبر؛ لما أخرجه أحمد أيضًا والحاكم عن شعبة عن عمرو بن مرة بالإسناد إلى كعب قال: "دعا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- على مضرَ فأتيتهُ فقلتُ: يا رسولَ الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015