قال الزين بن المنير: تقدم له باب سؤال الناس الإمام إذا قحطوا، والفرق بين الترجمتين أن الأولى لبيان ما على الناس أن يفعلوه إذا احتاجوا إلى الاستسقاء، والثانية لبيان ما على الإِمام من إجابة سؤالهم.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتِ الْمَوَاشِي، وَتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ. فَدَعَا اللَّهَ، فَمُطِرْنَا مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ وَتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ وَهَلَكَتِ الْمَوَاشِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: اللَّهُمَّ عَلَى ظُهُورِ الْجِبَالِ وَالآكَامِ وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ. فَانْجَابَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ انْجِيَابَ الثَّوْبِ".
وهذا الحديث هو المذكور في السابق أورده من وجه آخر عن مالك، وأجاب ابن المنير عن السر في كونه عليه الصلاة والسلام لم يبدأ بالاستسقاء حتى سألوه مع أنه عليه الصلاة والسلام أشفق عليهم منهم وأولى بهم من أنفسهم بأن مقامه عليه الصلاة والسلام التوكل على البأساء والضراء، وكذلك كان أصحابه الخواص يقتدون به، وهذا المقام لا تصل إليه العامة وأهل البوادي، ولهذا والله أعلم كان السائل في الاستسقاء بدويًا، فلما سألوه أجاب رعاية لهم وإقامة لسنة هذه العبادة فيمن بعده من أهل الأزمنة التي يغلب على أهلها الجزع وقلة الصبر على اللأواء أو بسفينة الصبر والتسليم للقضاء؛ لأنه عليه الصلاة والسلام قبل السؤال فوض ولم يستسق.
قد مرّوا: مرّ عبد الله بن يوسف ومالك في الثاني من "بدء الوحي"، ومرّ شريك في الخامس من "العلم"، ومرّ أنس في السادس من "الإيمان"، وقد مرّ هذا الحديث كثيرًا. ثم قال المصنف: