واستدل أيضًا بما رواه عن ابن عباس قال: "جاء أبو بكر بأبي قحافة هو شيخ قد عمي فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ألا تركت الشيخ حتى آتيه. قال أردت أن يأجره الله، والذي بعثك بالحق لأنا كنت أشد فرحًا بإسلام أبي طالب مني بإسلام أبي ألتمس بذلك قرة عينك" والسند الذي أخرج به هذا الحديث واهٍ جدًا، وعلى تقدير ثبوته ليس معناه ما أراد، بل معناه إني كنت أشد فرحًا بإسلام أبي طالب لو أسلم مني بإسلام أبي.
ويبيّن ذلك ما أخرجه أبو قرة موسى بن طارق عن ابن عمر قال: "جاء أبو بكر بأبي قحافة يقوده يوم فتح مكة فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ألا تركت الشيخ حتى آتيه. قال أبو بكر أردت أن يأجره الله، والذي بعثك بالحق لأنا كنت أشد فرحًا بإسلام أبي طالب لو كان أسلم مني بإسلام أبي". وأخرج عمر بن شيبة في كتاب مكة وأبو يعلى وأبو بشر بسند صحيح والحاكم وقال على شرط الشيخين عن أنس في قصة إسلام أبي قحافة قال: فلما مد يده يبايعه بكى أبو بكر فقال النبي-صلى الله عليه وسلم-: ما يبكيك؟ قال: لئن تكون يد عمك مكان يده ويسلم ويقر الله عينك أحب إلى من أن يكون".
وذكر ابن إسحاق "أن عمر لما عارض العباس في أبي سفيان لما أقبل به ليلة الفتح فقال له العباس: "لو كان من بني عدي ما أحببت أن يقتل. فقال عمر: أنا بإسلامك إذا أسلمت أفرح مني بإسلام الخطاب" يعني لو أسلم.
واستدل الرافضي أيضًا بقوله تعالى: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} قال: وقد عزره أبو طالب بما اشتهر وعلم ونابذ قريشًا وعاداهم بسببه مما لا يدفعه أحد من نقلة الأخبار فيكون مفلحًا.
وهذا مبلغهم من العلم ونحن نسلم أنه نصره وبالغ في ذلك، لكنه لم يتبع النور الذي أنزل معه، وهو الكتاب العزيز الداعي إلى التوحيد، ولا يحصل الفلاح إلا بحصول ما رتب عليه من الصفات كلها كما حصل لأبي بكر وعمر اللذين تبغضونهما وتؤذونهما أذية له -صلى الله عليه وسلم-. ومما لم يذكره الرافضي من الأحاديث في هذا الباب ما أخرجه تمام الرازي في فوائده من طريق الوليد بن مسلم عن عبد الله بن عمر رفعه "أنه إذا كان يوم القيامة شفعت لأبي وأمي وعمي أبي طالب وأخ لي كان في الجاهلية" قال تمام الوليد منكر الحديث.
وأخرج الخطيب في كتاب "رواية الآباء عن الأبناء" عن "الحسن بن علي أن عليًا قال: سمعت أبا طالب يقول حدثني محمد ابن أخي وكان والله صدوقًا قال: قلت له: بمَ بعثت يا محمد؟ قال بصلة الرحم وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة". قال الخطيب لم أكتبه بهذا الإِسناد إلا عن دبيس وهو صاحب غرائب وكثير الرواية للمناكير.
وأخرج الخطيب أيضًا عن أبي رافع أنه سمع أبا طالب يقول حدثني محمد أن الله أمره بصلة الأرحام وأن يعبد الله وحده لا يعبد معه أحدًا وهو عندي الصدوق الأمين. قال الخطيب: لا يثبت