-صلى الله عليه وسلم- بخلافه، ولم يتعين أيضًا كونه لذلك بل يحتمل أن يكون للإرشاد إلى الأخف إذ السلام بين كل ركعتين أخف على المصلي من الأربع فما فوقها لما فيه من الراحة غالبًا وقضاء ما يعرض من أمرهم ولو كان الوصل لبيان الجواز فقط لم يواظب عليه -صلى الله عليه وسلم-. ومن ادعى اختصاصه به فعليه البيان، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام كما صح عنه الوصل فعند أبي داود ومحمد بن نصر عن الأوزاعي وابن أبي ذيب كلاهما عن الزهري عن عروة عن عائشة "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلّي ما بينَ أن يفرغَ من العشاءِ إلى الفجر إحدى عشرةَ ركعة يسلّمُ من كل ركعتين" وإسنادهما على شرط الشيخين.
وقد مرّت مباحث هذا الحديث مستوفاة غاية عند ذكره في باب (الحلق في المسجد)، وحديث ابن عباس في باب (قراءة القرآن بعد الحدث) وغيره من كتاب "الوضوء"، وذكرت هناك مباحث الوتر جميعًا فراجعه.
قد مرّوا وفيه رجل مبهم. مرّ عبد الله بن يوسف ومالك في الثاني من "بدء الوحي"، ومرّ نافع في الأخير من "العلم"، ومرَّ عبد الله بن دينار في الثاني من "الإيمان"، ومرَّ ابن عمر في أوله قبل ذكر حديث منه.
والرجل المبهم في "معجم الطبراني" أنه ابن عمر، ولكن يعكر عليه رواية عبد الله بن شقيق عن "ابن عمر أن رجلًا سأل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وأنا بينه وبين السائل" فذكر الحديث وفيه "ثم سأله رجل على رأس الحول وأنا بذلك المكان منه فما أدري أهو ذلك الرجل أو غيره.
وعند النسائي أن السائل المذكور من أهل البادية، وفي رواية "أن أعرابيًا سأل" فيحتمل أن يجمع بتعدد من سأل، وقد سبق في باب الحلق في المسجد، أن السؤال المذكور وقع في المسجد والنبى -صلى الله عليه وسلم- على المنبر. أخرجه مسلم في "الصلاة" وكذا أبو داود والنسائي.
ثم قال: "وعن نافع أن عبد الله بن عمر كان يسلّم بين الركعة والركعتين في الوتر حتى يأمر ببعض حاجته" هو معطوف على الإِسناد الأول وهو في "الموطأ" كذلك إلا أنه ليس مقرونًا في سياق واحد بل بين المرفوع والموقوف عدة أحاديث، ولذا فصله البخاري عنه.
وقوله: "حتى يأمر ببعض حاجته" ظاهره أنه كان يصلي الوتر موصولًا فإن عرضت له حاجة فصل ثم بني على ما مضى وما في هذا الأثر من المباحث قد مرت في البابين المذكورين آنفًا، وهذا الأثر قيل إنه معطوف على الإِسناد الأول، وقيل إنه معلق، وهذا الأثر رواه مالك وأخرجه الطحاوي.