كذا للأكثر، وفي رواية الحموي وقائمًا قال ابن المنذر: كل من أحفظ عنه من أهل العلم يقول: إن المطلوب يصلي على دابته يومىء إيماء، وإن كان طالبًا نزل فصلى على الأرض.
قال الشافعي: إلا أن ينقطع عن أصحابه فيخاف عود المطلوب عليه فيجزئه ذلك، وعرف بهذا أن الطالب فيه التفصيل بخلاف المطلوب، ووجه الفرق أن شدة الخوف في المطلوب ظاهرة لتحقق السبب المقتضي لها.
وأما الطالب، فلا يخاف استيلاء العدو عليه وإنما يخاف أن يفوته العدو وما نقله ابن المنذر متعقب بكلام الأوزاعي فإنه قيده بخوف الفوت، ولم يستثن طالبًا من مطلوب.
وذكر أبو إسحاق الفزاري في كتاب "السير" عن الأوزاعي قال: إذا خاف الطالبون إن نزلوا بالأرض فوت العدو صلّوا حيث وجهوا على كل حال؛ لأن الحديث جاء أن النصر لا يرفع ما دام الطلب.
قلت: مشهور مذهب مالك أنهم يصلّون إيماء ولو كانوا طالبين قالوا؛ لأن أمرهم إلى أن مع عدوهم لم ينقص ولا يأمنوا رجوعهم فهم خائفون فوت العدو، ولحصول الخوف في المستقبل.
وقال ابن عبد الحكم: إن كانوا طالبين لا يصلّون إلا بالأرض صلاة أمن وفاقًا للأئمة الثلاثة.
ثم قال: وقال الوليد ذكرت للأوزاعي صلاة شرحبيل بن السمط وأصحابه على ظهر الدابة فقال كذلك الأمر عندنا إذا تخوف الفوت. واحتج الوليد بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- "لا يُصَلِّيَنَّ أحدٌ العصرَ إلا في بني قريظة".
قوله: "شُرَحْبيل بن السَّمِط" بضم الشين المعجمة وفتح الراء وسكون الحاء المهملة وكسر الموحدة، والسمط بوزن كتف، ويأتي تعريف شرحبيل قريبًا في السند.
وقوله: "فقال" أي الأوزاعي ولابن عساكر "قال".
كذلك الأمر: أي أداء الصلاة على ظهر الدابة بالإِيماء هو الشأن والحكم.