العلماء قال العيني: ذكر ابن التين أنه قول أشهب وما مرّ من أن قيام الإمام عن محله بمجرد السلام مكروه هو قول الجمهور، وقد مرّ أنه مروي عن الشافعي، وقد مرَّ ما قاله فيه الغزالي في "الإحياء"، وقال أبو محمد من المالكية ينتقل في الصلوات كلها ليتحقق المأموم أنه لم يبق عليه شيء من سجود السهو ولا غيره وحكى قطب الدين الحلبي هذا عن محمد بن الحسن وذكره ابن التين أيضًا، وذكر ابن أبي شيبة عن ابن مسعود وعائشة -رضي الله تعالى عنهما- قالا: "كان النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- إذا سلَّم لم يقعدْ إلا مقدارَ ما يقولُ اللَّهُمَّ أنتَ السلامُ ومنكَ السَّلامُ تباركتَ يا ذا الجلالِ والإكرامِ".
وقال ابن مسعود: "كان -صلى الله عليه وسلم- إذا قضى صلاَتَهُ انتقلَ سريعًا إمّا أنْ يقومَ وإمّا أنْ ينحرف". وقال قتادة: كان الصديق إذا سلّم كان على الرضف حتى ينهض. وقال ابن عمر: الإِمام إذا سلّم قام. وقال مجاهد: قال عمر -رضي الله تعالى عنه-: جلوس الإِمام بعد السلام بدعة. وذهب جماعة من الفقهاء أن الإِمام إذا سلم قام، ومن صلّى خلفه من المأمومين يجوز لهم القيام قبل قيامه إلا رواية عن الحسن والزهري ذكرها عبد الرزاق، وقال: لا تنصرفوا حتى يقوم الإمام قال الزهري: إنما جُعل الإِمام ليُؤتم به، وجماعة الناس على خلافهما. وروى ابن شاهين في كتاب "المنسوخ" عن جابر: "كان النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- إذا صلَّى الغداة لم يبرحْ من مجلسهِ حتى تطلعَ الشمسُ حسناء". وفي حديث ابن جريج عن ابن عباس: "صليتُ مع النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فكان ساعةَ يسلّمُ يقومُ، ثم صلّيتُ معَ أبي بكرٍ -رضيَ الله تعالى عنه- فكانَ إذا سلَّمَ وثبَ مِنْ مكانِهِ وكأنهُ يقومُ عن رضفةٍ" ثم حملَ ابن شاهين الأول على صلاة لا تعقبها نافلة، والثاني على مقابلة. وهذا التعليق أخرجه أبو داود وابن ماجه بالمعنى، وأبو هريرة مرَّ في الثاني من الإيمان.