الحديث الخامس عشر والمئة

وَقَالَ لَنَا آدَمُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي فِي مَكَانِهِ الَّذِى صَلَّى فِيهِ الْفَرِيضَةَ.

قال في "الفتح" هو موصول وإنما عبّر بقوله: "قال لنا" لكونه موقوفًا مغايرة بينه وبين المرفوع. وقيل إنه لا يقول ذلك إلا فيما حمله مذاكرة، وهو محتمل لكنه غير مطرد؛ لأني وجدت كثيرًا مما قال فيه "قال لنا في الصحيح" قد أخرجه في تصانيف أخرى بصيغة "حدّثنا". وقد روى ابن أبي شيبة أثر ابن عمرّ من وجه آخر عن أيوب عن نافع قال: "كان ابن عمرّ يصلّي سبحته مكانه" وقد مرّ الكلام على قول البخاري قال لي في الخامس من كتاب العلم وفي أبواب الجماعة.

رجاله خمسة:

قد مرّوا، مرّ آدم وشعبة في الثالث من الإيمان، ومرّ أيوب في التاسع منه، ومرّ ابن عمر في أوله قبل ذكر حديث منه، ومرَّ نافع في آخر حديث من العلم. وفي هذا الحديث: "قال لنا آدم" وقد مرّ الكلام على هذا المعنى في الثامن والأربعين من أبواب الجماعة. ثم قال: وفعله القاسم وهذا التعليق وصله ابن أبي شيبة عن معتمرّ عن عبيد الله بن عمر قال: رأيت القاسم وسالمًا يصليان الفريضة، ثم يتطوعان في مكانهما، والقاسم المراد به ابن محمد بن أبي بكر وقد مرّ في الحادي عشر من الغُسل. ثم قال: ويذكر عن أبي هريرة رفعه "لا يتطوع الإِمام في مكانه" ولم يصح ذكره بالمعنى. ولفظه عند أبي داود "أيعجز أحدكم أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله في الصلاة". ولابن ماجه "إذا صلّى أحدكم زاد أبو داود" يعني في السبحة. وللبيهقي "إذا أراد أحدكم أن يتطوع بعد الفريضة فليتقدم" الحديث.

وقوله: "لم يصح" هو من كلام البخاري وذلك من ضعف إسناده واضطرابه تفرد به ليث بن أبي سليم وهو ضعيف. وقال البخاري في تاريخه: لم يثبت هذا الحديث. وفي الباب عن المغيرة بن شعبة مرفوعًا بلفظ: "لا يصلي الإِمام في الموضع الذي صلّى فيه حتى يتحوّل" رواه أبو داود وإسناده منقطع وروى ابن أبي شيبة بإسناد حسن عن علي قال: "من السُّنَّة أن لا يتطوع الإِمام حتى يتحوّل من مكانه". وحكى ابن قدامة في "المغني" عن أحمد أنه كره ذلك، وقال: لا أعرفه عن غير علي فكأنه لم يثبت عنده حديث أبي هريرة ولا المغيرة وكان المعنى في ذلك خشية التباس النافلة بالفريضة، وللإمام في هذه المسألة حالتان؛ لأن الصلاة إما أن تكون مما يتطوع بعدها أو لا. الأول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015