حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَنَسٌ قَالَ: بَيْنَمَا الْمُسْلِمُونَ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ لَمْ يَفْجَأْهُمْ إِلاَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ صُفُوفٌ، فَتَبَسَّمَ يَضْحَكُ، وَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ رضى الله عنه عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ لَهُ الصَّفَّ فَظَنَّ أَنَّهُ يُرِيدُ الْخُرُوجَ، وَهَمَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَفْتَتِنُوا فِي صَلاَتِهِمْ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَتِمُّوا صَلاَتَكُمْ، فَأَرْخَى السِّتْرَ، وَتُوُفِّيَ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ.
قال ابن بطال: وجه مناسبته للترجمة أن الصحابة لما كشف -صلى الله عليه وسلم- الستر التفتوا إليه، ويدل على ذلك قول أنس فأشار إليهم. ولولا التفاتهم لما رأوا إشارته ويوضحه كون الحجرة عن يسار القبلة، فالناظر إلى إشارة من هو فيها يحتاج إلى أن يلتفت، ولم يأمرهم عليه الصلاة والسلام بالإعادة بل أقرهم على صلاتهم بالإشارة المذكورة.
وقد مرّ هذا الحديث في باب أهل العلم والفضل أحقّ بالإمامة. وقد تكلم على بعض ألفاظه هناك. ومرَّ استيفاء الكلام على مباحثه في باب حد المريض أن يشهد الجماعة.
وفيه ذكر أبي بكر وعائشة، وقد مرَّ الجميع: مرَّ ابن بكير والليث وعقيل والزهري في الثالث من بدء الوحي، ومرّت عائشة في الثاني منه، ومرّ أنس في السادس من الإيمان، ومرّ محل أبي بكر في الذي قبل هذا بحديث، والحديث أخرجه البخاري أيضًا في المغازي، وقد مرَّ الكلام عليه.
ثم قال المصنف:
لم يذكر المنفرد، لأن حكمه حكم الإِمام وذكر السفر لئلا يتخيّل أنه يترخص فيه بترك القراءة كما رخص فيه بحذف بعض الركعات.
وقوله: وما يجهر فيه وما يخافت هو بضم أول كل منهما على البناء للمجهول، وتقدير الكلام وما يجهر به وما يخافت به.