وعمر يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين، وبحديث المسيء صلاته أخرجه الشيخان عن أبي هريرة.
وقول النووي: إنما علمه فيه الفرائض مردود بما أخرجه الحاكم في المستدرك على شرط الشيخين، وأبو داود عن رفاعة بن رافع، فقد علّمه فيه الفرائض والمندوبات، وذكر في الفتح روايات فيها ما ليس واجبًا كرواية محمد بن عمرو: فإذا رفعت رأسك فاجلس على فخذك اليسرى، ورواية إسحاق: فإذا جلست في وسط الصلاة فاطمئن جالسًا ثم افترش فخذك اليسرى ثم تشهّد.
وفي رواية لأحمد: فإذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيك، وامدُد ظهرك، فبما ذكر فيه من المندوبات يتجه الاستدلال به على عدم دعاء الافتتاح، واستدلوا أيضًا بأن هذه السكتة التي يقرأ فيها دعاء الافتتاح لو كانت فيما واظب عليه الشارع لنقلها أهل المدينة عيانًا وعملًا فيحتمل أنه عليه الصلاة والسلام فعلها في وقت ثم تركها، فتركها واسع.
وأجيب عن هذا بأن لفظ: إذا قام إلى الصلاة، ولفظ: كان إذا قام يصلّي تطوعًا، ولفظ: كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة قاله، ولفظ: كان يشعر بالمداومة، وردّ هذا بأنه إذا ثبتت المداومة يثبت الوجوب، ولم يقل به أحد، وتأتي زيادة على هذا قريبًا.
وقوله: باعد، المراد بالمباعدة هو ما حصل منها، والعصمة عمّا سيأتي منها وهو مجاز؛ لأن حقيقة المباعدة إنما هي في الزمان والمكان، وموقع التشبيه أن التقاء المشرق والمغرب مستحيل، فكأنه أراد أن لا يبقى لها منه اقتراب بالكلية.
وقال الكرماني: كرّر لفظ بين؛ لأن العطف على الضمير المجرور يعاد فيه الخافض، ويردّ على هذا قوله السابق بين التكبير والقراءة. وقوله: نقّني: مجاز عن زوال الذنوب ومحو أثرها، ولمّا كان الدنس في الثوب الأبيض أظهر من غيره من الألوان وقع التشبيه به، وقوله بالماء والثلج والبرَد، قال الخطابي: ذكر الثلج والبرد تأكيدًا أو لأنهما ماءان لم تمسهما الأيدي ولم يمتهنهما الاستعمال، وقيل عبّر بذلك عن غاية المحو، فإن الثوب الذي يتكرر عليه ثلاثة أشياء منقية يكون في غاية النقاء، ويحتمل أن يكون المراد أن كل واحد من هذه الأشياء مجاز عن صفة يقع بها المحو، وكأنه كقوله تعالى: {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا} قال الطيبي: يمكن أن يكون المطلوب من الثلج والبرد بعد الماء شمول أنواع الرحمة والمغفرة بعد العفو لإطفاء حرارة عذاب النار التي هي في غاية الحرارة، ومنه قولهم: برّد الله مضجعه، أي: رحمه ووقاه، ويؤيده ورود وصف الماء بالبرودة في حديث عبد الله بن أبي أوفى عند مسلم. وكأنه جعل الخطايا بمنزلة جهنّم لكونها مسببة عنها، فعبّر عن إطفاء حرارتها بالغسل، وبالغ فيه باستعمال المبردات ترقيًا عن الماء إلى أبرد منه. وقيل: خصّ هذه الثلاثة بالذكر لأنها منزلة من السماء.