فلمّا صغر صار هنيوة، فاجتمعت الواو والياء وسكن السابق منهما، فقلبت الواو ياء، وادغمت فيها الياء السابقة.
وفي رواية الكشميهني هنيهة بهاء بعد الياء، وقوله بأبي وأمي، الباء متعلقة بمحذوف اسم أو فعل تقديره أنت مفدى بأبي أو أفديك، وحذف تخفيفًا لكثرة الاستعمال، وعلم المخاطب واستدل به على جواز التفدية مطلقا بدون كراهة. وقيل: أنه من خصائصة عليه الصلاة والسلام. وقيل: تجوز تفدية العلماء الصالحين الأخيار دون غيرهم.
وقوله: إسكاتك هو بالرفع في رواية الأكثر على الابتداء، وقيل: بالنصب على أنه منصوب بفعل مقدر أي: أسألك إسكاتَك، أو على تزع الخافض.
وفي رواية المستملي والسرخسي بفتح الهمزة وضم السين عدى الاستفهام، وفي رواية الحميدي: ما تقول في سكتتك بين التكبير والقراءة. ولمسلم أرايت سكوتك؟ وكله مشعر بأن هناك قولًا لأنه قال ما تقول ولم يقل هل تقول؟ ولعلّه استدل على أصل القول بحركة الفم، كما استدلّ غيره على القراءة باضطراب اللحيةكما يأتي في حديث خبّاب بعد باب ونقل ابن بطّال عن الشافعي أن سبب هذه السكتة للإمام أن يقرأ المأموم فيها الفاتحة.
وهذا النقل غير معروف عن الشافعي ولا عن أصحابه، إلاَّ أن الغزالي قال في الإحياء: إن المأموم يقرأ الفاتحة إذا اشتغل الإِمام بدعاء الافتتاح وخولف في ذلك، بل أطلق المتولي وغيره كراهة تقديم قراءة الفاتحة على الإِمام، وفي وجه أن فرغ منها قبله بطلت صلاته، والمعروف أن المأموم يقرؤها إذا سكت بين الفاتحة والسورة والسكتة التي بعد الفاتحة ثبت فيها حديث سمرة عند أبي داود ولفظه قال سمرة: حفظت سكتتين في الصلاة: سكتةٌ إذا كبّر الإِمام حين يقرأ، وسكتةٌ إذا فرغ من فاتحة الكتاب وسورة، عند الركوع. فأنكر ذلك عليه عمران بن الحصين. فكتبوا في ذلك إلى المدينة إلى أبي، فصدق سمع. قال الخطابي، وهذه السكتة يعني الأخيرة ليقرأ من خلف الإِمام ولا ينازعه في القراءة، وهو مذهب الشافعي.
قال العيني: وعند أصحابنا لا يقرأ المقتدي خلف الإمام فتحمل هذه السكتة عندنا على الفصل بين القراءة والركوع بالثاني وترك الاستعجال بالركوع بعد الفراغ من القراءة، ولكن حدّ هذه السكتة قدر ما يقع الفصل بين الركوع والقراءة، حتّى إذا طال جدًّا، فإن كان عمدًا يكره، وإن كان سهوًا يجب عليه سجدة السهو؛ لأن فيه تأخير الركن، وقد حمل البعض هذه السكتة على ترك رفع الصوت بالقراءة دون السكوت عن القراءة.
وعند المالكية قراءة المقتدي في الجهرية مكروهة، وفي السرية مستحبّة، ولا تطلب عند سكتة ولا دعاء الاستفتاح على المشهور، بل الدعاء قبل القراءة وبعد الفاتحة مكروه على المشهور مستدلًا على عدم السكتة وعدم الافتتاح بحديث البخاري السابق: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر