حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: أَقِيمُوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَرَاكُمْ مِنْ بَعْدِي وَرُبَّمَا قَالَ مِنْ بَعْدِ ظَهْرِي إِذَا رَكَعْتُمْ وَسَجَدْتُمْ.
قوله: أقيموا الركوع والسجود أي: أكملوهما، وعند الإسماعيلي اتمّوا بدل أقيموا، وقوله: فوالله إني لأراكم من بعدي أي: من خلفي، وأغرب الداودي فحمل البعدية هنا على ما بعد الموت، يعني أن أعمال الأمة تعرض عليه ويرده قوله وربما قال من بعد ظهري وكأنه أيضًا لم يتأمل سياق حديث أبي هريرة حيث بيّن فيه سبب هذه المقالة ومقتضى صيغ البخاري في إيراده الحديثين في باب عظة الإمام الناس وإيراده لهما في هذا الباب على أنهما في قضية واحدة وكذا أوردهما مسلم معًا واستشكل إيراد البخاري لحديث أنس هنا لكونه لا ذكر فيه للخشوع الذي ترجم له.
وأجيب بأنه أراد أن ينبه على أن الخشوع يدرك بسكون الجوارح إذ الظاهر عنوان الباطن كما مرّ وروى البيهقي بإسناد صحيح عن مجاهد قال: كان ابن الزبير إذا قام في الصلاة كأنه عود، وحدّث أنّ أبا بكر كان كذلك، وكان يقال ذلك الخشوع في الصلاة، واستدل بحديث الباب على أنه لا يجب إذ لم يأمرهم بالإعادة.
وعند مسلم عن أبي هريرة: صلى رسول -صلى الله عليه وسلم- يومًا ثم انصرف فقال: يا فلان ألا تحسن صلاتك، وله في رواية أخرى أتمّوا الركوع والسجود، وفي أخرى أقيموا الصفوف، وفي أخرى لا تستبقوني بالركوع ولا بالسجود.
وعند أحمد: صلى بنا الظهر وفي مؤخر الصفوف رجل فأساء الصلاة. وعنده عن أبي سعيد الخدري أن بعض الصحابة تعمد المسابقة لينظر هل يعلم به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أم لا، فلمّا قضى الصلاة نهاه عن ذلك.
واختلاف هذه الأسباب يدل على أن جميع ذلك صدر من جماعة في صلاة واحدة وفي صلوات.
قد مرّوا: مرَّ محمّد بن بشّار في الحادي عشر من العلم، ومرّ غُندر في الخامس والعشرين من