وأنكر ابن المنير إطلاق الفرضية وقال: الصواب أن عدم الخشوع تابع لما يظهر عنه من الآثار وهو أمر متفاوت، فإن أثر نقصًا في الواجبات كان حرامًا وكان الخشوع واجبًا وإلا فلا. قلت: مشهور مذهب مالكٍ أن الخشوع في الصلاة مندوب لا واجب، والمدافعة المذكورة عندنا تبطل الصلاة إذا حصل بها شغل عن فرض. وإن حصل الشغل عن سنّة أعاد الصلاة ندبًا في الوقت.
وقد تتحرك اليد مع وجود الخشوع، لما في سنن البيهقي عن عمرو بن حُريث قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ربما مس لحيته وهو يصلّي. وقد سئل عن الحكمة في تحذيرهم من النقص في الصلاة برؤيته إياهم دون تحذيرهم برؤية الله تعالى لهم وهو مقام الإحسان المبين في سؤال جبريل، كما مرَّ في كتاب الإيمان أنْ تعبدَ الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
وأجيب بأن في التعليل برؤيته -صلى الله عليه وسلم- لهم تنبيهًا على رؤية الله تعالى لهم فإنهم إذا أحسنوا الصلاة لكون النبي -صلى الله عليه وسلم- يراهم أيقظهم ذلك إلى مراقبة الله تعالى مع ما تضمنه الحديث من المعجزة له -صلى الله عليه وسلم- بذلك، ولكونه يبعث شهيدًا عليهم يوم القيامة. فإذا علموا أنه يراهم تحفظوا في عبادتهم ليشهد لهم بحسنها.
قد مرّوا: إسماعيل قد مرّ محله في التعليق الذي قبله. ومرّ مالك في الثاني من بدء الوحي. ومرَّ أبو الزناد والأعرج في السابع من الإيمان. ومرَّ أبو هريرة في الثاني منه. وهذا الحديث قد مرّ ما يتعلق به في باب عظة الإمام الناس.