وفيهما عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رواية الفطرة خمس. وكحديث الباب. قال أبو حازم: لا أعلمه إلا يَنْمِيْ ذلك. وقد جاء بعضُ ذلك بالتصريح. ففي رواية لحديث الصحيحين: الفطرةُ خمس يبلغُ به النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي رواية في حديث سهل يَنْمِي ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم-. والحامل على العدول عن التصريح بالرفع إما الشك في الصيغة التي سمع بها أهي قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ أو نبي الله أو نحو ذلك كسمعت أو حدثني. وهو ممن لا يرى الإبدال. وأما التخفيف والاختصار أو غير ذلك ولو وقع ذلك من صحابي بعد ذكره صحابيًا كان مرفوعًا أيضًا ولم أر له مثالًا.
وقد يقع ذلك من الصحابي بعد ذكره للنبي -صلى الله عليه وسلم-، كأن يقول عن النبي -صلي الله عليه وسلم- يرفعه، فهذا في حكم قوله عن الله تعالى. ومثالُه حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله يرفعه: إن المؤمن عندي بمنزلة كل خير يحمدني وأنا أنزع نَفْسه من بين جَنْبيه. حديث حسن رواه البزّار في مسنده، وهو من الأحاديث الإلهية. وإن كان القائل لأحد الألفاظ المتقدمة راويًا عن تابعي كان ذلك الحديث مرسلًا مرفوعًا بلا خلاف. وقد نظّم القرافي أصل المسألة فقال:
وقولهم يرفعه يبلغ بهْ ... رواية يَنمِيه رفعٌ فانتبهْ
وإن يُقَلْ عن تابع فمرسل
وحكى في المطالع أن رواية القعنبي هذه بضم أوله من أنمى قال وهو غلط. وتُعقب بأن الزَّجّاج ذكر في كتاب فعلتُ وأفعلتُ نَمَيْت الحديث وأنْمَيته. وهذا حكاه ابنُ دُرَيد وغيره. لكن الذي في البخاري عن القعنبي المضبوط به أنه بفتح أوله من الثلاثي، فلعلّ الضمَّ روايةُ القعبني في الموطأ.
وقوله: وقال إسماعيل يُنمى ذلك، ولم يقل يَنْمِي. الأول بضم أوله وفتح الميم بلفظ المجهول، والثاني وهو المنفي بفتح أوله كرواية القعنبي الماضية، فعلى الأول الهاء في لا أعلمه ضمير الشأن، فيكون مرسلًا لأن أبا حازم لم يعين من نماه له، وعلى رواية القعنبي الضمير لسهل شيخه فهو متّصل، وإسماعيل هذا هو ابن أبي أُويس شيخ البخاري كما جزم به الحْميدي في الجمع.
ووافق إسماعيل على هذه الرواية عن مالك سويد بن سعيد فيما أخرجه به الحُميدي في الغرائب. وفي خط مَغُلْطاي أن إسماعيل المذكور هنا هو إسماعيلُ بن إسحاق القاضي. وكأنه رأى الحديث عند الجوزقي والبيهقي وغيرهما من روايته عن القعنبي، فظن أنه المراد وليس كذلك, لأن رواية إسماعيل بن إسحاق موافقة لرواية البخاري.
ولم يذكر أحد أن البخاري روى عنه وهو أصغر سنًا منه وأحدث سماعًا. وقد شاركه في كثير من مشايخه البَصريين القدماء. وما صرح به ابن حجر فيما مرّ عنه من أن الحديث على رواية إسماعيل بن أبي أويس يكون مرسلًا هو الوجه الثاني من وجهي الإعلال. وإذا قيل إن رواية القعنبي