حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ الْيَدَ الْيُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ الْيُسْرَى فِي الصَّلاَةِ. وقَالَ أَبُو حَازِمٍ لاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ يَنْمِي ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-. قَالَ إِسْمَاعِيلُ: يُنْمَى ذَلِكَ. وَلَمْ يَقُلْ يَنْمِي.
قوله: كان الناس يؤمرون هذا حكمه الرفع على المشهور, لأنه محمول على أن الآمر لهم بذلك هو النبي -صلى الله عليه وسلم-. وقوله على ذراعه أبهم موضعه من الذراع. وفي حديث وائل عند أبي داود والنَّسائي ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفّه اليسرى والرسغ من الساعد. وصحّحه ابن خزيمة وغيره، وأصله في صحيح مسلم بدون الزيادة. والرُّسْغ بضم الراء وسكون المهملة بعدها معجمة هو الفصل بين الساعد والكف. ولم يذكر أيضًا محلهما من الجسد.
وقد روى ابن خزيمة من حديث وائل أنه وَضَعَهما على صدره، والبَزَّار عند صدره. وعند أحمد في حديث هِلْب الطائي نحوه وفي زيادات المسند من حديث علي أنه وضعهما تحت سرّته. واعترض الدالي في أطراف الموطأ هذا الحديث فقال: معلول لأنه ظنّ من أبي حازم، ورد بأن أبا حازم لو لم يقل لا أعلمه الخ. لكان في حكم المرفوع, لأن قول الصحابي كنا نؤمر بكذا يصرف بظاهره إلى من له الأمر، وهو النبي -صلى الله عليه وسلم- لأن الصحابي في مقام تعريف الشرع فيحمل على من صدر عنه الشرع. ومثله قول عائشة: كنّا نؤمر بقضاء الصوم، فإنه محمولٌ على أن الآمر بذلك هو النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وأطلق البيهقي أن لا خلاف في ذلك بين أهل العلم فإن قيل لو كان مرفوعًا ما احتاج أبو حازم إلى قوله لا أعلمه الخ، فالجواب أنه أراد الانتقال إلى التصريح، فالأول لا يقال له مرفوع وإنما يقال له حكم الرفع، قاله في الفتح، وفي كلّه بعض انتصار لمذهبه، فقول البيهقي إنه لا خلاف في ذلك هو كقول ابن عبد البر: إن قول الصحابي من السنة كذا له حكم الرفع اتفاقًا. وما قالاه مردود.
فقد روي عن الشافعي في أصل المسألة قولان. وذهب إلى أنه غير مرفوع أبو بكر الصيرفي من الشافعية، وأبو بكر الرازي من الحنفية، وابن حزم من الظاهرية. وتمسكوا باحتمال أن يكون الأمر غيره عليه الصلاة والسلام كأمر القرآن أو الإِجماع أو بعض الخلفاء أو الولاة أو الاستنباط.