السجود أي: لا في الهويّ إليه ولا في الرفع منه، كما في رواية شعيب الآتية بعد باب حيث قال: حين يسجد ولا حين يرفع رأسه من السجود. وهذا يشمل ما إذا نهض من السجود إلى الثانية والرابعة والتشهدين ويشمل ما إذا قام إلى الثانية أيضًا لكن بدون تشهد، لكونه غير واجب. وإذا قلنا باستحباب جلسة الاستراحة لم يدل هذا اللفظ على نفي ذلك عند القيام منها إلى الثالثة والرابعة.
لكن روى يحيي القطّان عن مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا هذا الحديث، وفيه: ولا يرفع بعد ذلك. أخرجه الدارقطني في الغرائب بإسناد حسن. وظاهره يشمل النفي عما عدا المواطن الثلاثة. وسيأتي إثبات ذلك في موطن رابع بعد بابين.
وأصح ما روي من الأحاديث في الرفع في السجود ما رواه النسائي من رواية سعيد بن أبي عَروبة عن قتادة عن نضر بن عاصم عن مالك بن الحويرث أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- يرفع يديه في صلائه إذا ركع، وإذا رفع رأسه من ركوعه، وإذا سجد، وإذا رفع رأسه، حتى يحاذي بهما فروع أذنيه.
وقد تابع سعيدًا همامًا عن قتادة عند أبي عَوَانة في صحيحه. وفي الباب عن جماعة من الصحابة لا يخلو شيء منها عن مقال. وقد روى البخاري في جزء رفع اليدين في حديث علي المرفوع: ولا يرفع يديه في شيء من صلائه وهو قاعد، وأشار إلى تضعيف ما ورد في ذلك.
وقد روى الطحاوي حديث ابن عمر الآتي في الباب الرابع عن نصر بن علي عن عبد الأعلى بلفظ: كان يرفع يديه في كل خفض ورفع وركوع وسجود وقعود وقيام وبين السجدتين، ويذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يفعل ذلك. وهذه رواية شاذة، فقد رواه الإسماعيلي عن جماعة من مشايخه الحفاظ عن نصر بن علي المذكور بلفظ عياش شيخ البخاري. وكذا رواه هو وأبو نعيم من طرق أخرى عن عبد الأعلى كذلك.
واعلم أنه لم يرد ما يدل على التفرقة في الرفع بين الرجل والمرأة، وعن الحنفية يرفع الرجُلُ إلى الأذنين، والمرأة إلى المَنْكِبين, لأنه أستر لها.
قد مرّوا مرارًا، مرَّ عبد الله بن مَسْلَمة في الثاني عشر من الإيمان، ومرَّ سالم في السابع عشر منه، ومرَّ أبوه عبد الله في أول الكتاب قبل ذكر حديثٍ منه. ومرَّ مالك في الثاني من بدء الوحي. ومرَّ ابن شهاب في الثالث منه.
فيه التحديث والعنعنة.
وأخرجه النّسائي في الصلاة، ثم قال المصنّف: