الأخرى. وعن القاضي يقيمهما محنيتين شيئًا يسيرًا. ونقل المحاملي عن أصحابهم: يستحب تفريق الأصابع.
وقال الغزالي لا يتكلف ضمًا ولا تفريقًا بل يتركهما على هيئتهما. وقال الرافعي: يفرق تفريقًا وسطًا. وفي المغني لابن قدامة يستحب أن يمد أصابعه ويضم بعضها إلى بعض. وتحرير ما قيل في رفعهما عند المالكية هو ما نظمه بعض علمائنا بقوله:
ارفع يديك حيث كنت قائمًا ... بطنهما للأرض قيل للسما
فالأول الجمهور قال المذهبُ ... وأصلها للفاكهانيْ ينسبُ
رعيًا لحال راهب والثاني ... لراغب في نعم الديانِ
وقيل بل قائمتين يجري ... كنابذ الدنيا وراء ظهرِ
وقيل بل واحدة إلى السما ... والأخرى للتراب رعيًا لهما
ومنتهى الرفع على المشهور ... إلى المناكب أو الصدور
وقيل للأذْن وقيل بل إلى ... فوق الرؤوس رافعًا قد نُقلا
والرفع مندوب وقيل سُنة ... وأصله أنّ النبيّ سَنَّه
كي تسقط الأصنام من آباط ... من كان بالنفاق ذا ارتباط
من الذي يزول منه السبب ... من بعده وبقي المسبَّب
وقد رويت آثار مشهورة دالة على ما قالوه. فقد قال ابن عبد البر: روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الرفع مداً مع الرأس وروي إلى صدره. وعن طاووس أنه كان يرفع يديه حتى يجاوز بهما رأسه. وقال رأيت ابن عباس يصنعه، ولا أعلم إلا أنه قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصنعه. وصححه ابن القطان.
وقوله: وإذا كبر للركوع وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما، كذلك رواية القعنبي هذه عن مالك خلاف ما في روايته عنه في الموطأ، قال الدارقطني: رواه الشافعي والقعنبي وسرد جماعة من رواة الموطأ، فلم يذكروا فيه الرفع من الركوع، قال: وحدث به عن مالك في غير الموطأ ابن المبارك، وابن مهدي والقطان وغيرهم بإثباته، وقال ابن عبد البر: كل من رواه عن ابن شهاب أثبته غير مالك في الموطأ.
ورفع اليدين عند تكبير الركوع وعند رفع رأسه من الركوع هو قول الشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور وابن جرير الطبري ورواية عن مالك والحسن البصري وابن سيرين وعطاء بن أبي رباح وابن المبارك وغيرهم.
قال البخاري في كتابه: رفع اليدين في الصلاة بعد أن أخرجه من طريق علي رضي الله تعالى عنه، وكذلك روي عن تسعة عشر رجلًا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنهم كانوا يرفعون أيديهم عند الركوع، وعند أكثرهم. وزاد البيهقي جماعات.