حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّائِيُّ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَقِيلَ لَهُ مَا أَنْكَرْتَ مِنَّا مُنْذُ يَوْمِ عَهِدْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ مَا أَنْكَرْتُ شَيْئًا إِلاَّ أَنَّكُمْ لاَ تُقِيمُونَ الصُّفُوفَ.
قوله: منذ يوم عهدت، وفي رواية المُسْتَمْلِي والكُشْمِيْهَنيّ: ما أنكرت منا منذ عَهِدْت، وهذه القدمة غير القدمة التي تقدم ذكرها في باب وقت العصر، فإن ظاهر الحديث فيها أنه أنكر تأخير الظهر إلى أول وقت العصر، كما مضى. وهذا الإنكار أيضًا غير الإنكار الذي تقدم ذكره في باب تضييع الصلاة عن وقتها، حيث قال: لا أعرف شيئًا مما كان على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا الصلاة، وقد ضُيِّعت، فإن ذاك كان بالشام، وهذا بالمدينة، وهذا يدل على أن أهل المدينة كانوا في ذلك الزمان أمثل من غيرهم في التمسك بالسنن.
مروا إلا سَعِيد بن عُبَيد، مرَّ مُعاذ بن أسَد في التاسع والثلاثين من أبواب الجماعة هذه، ومرَّ الفَضْل بن موسى في السادس والأربعين من الغُسْل، ومرَّ بشير بن يَسَار في الرابع والسبعين من الوضوء ومرَّ أَنَس في السادس من الإيمان.
وأما سَعيد فهو ابن عُبَيد الطّائيّ، أبو الهُذَيل الكُوفيّ، ذكره ابن حِبّان في الثقات، وقال أحمد وابن معِين: ثقة، ووثقه العِجّليّ ويعقوب بن سُفْيان وابن نُمَير وغيرهم. وقال أبو داود: كان شُعْبَةُ يتمنّى لقاءه، وقال يحيي: ليس به بأس، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، روى عن أخيه عُقبة وبشير بن بَشَار وسعيد بن جُبَير وغيرهم، وروى عنه الثَّوْرِيّ وابن المُبارَك والفَضْل بن موسى ويحيى القَطّان وغيرهم.
فيه التحديث بصيغة الجمع والإِخبار والعنعنة، وفيه أن شيخه من أفراده، ورواته ما بين مَرْوَزِيّ وكُوفيّ ومَدَنيّ، والحديث من أفراد البُخاري. قال العَيْنيّ: وفيه أن بشيرًا المذكور ليس له في الكتب الستة عن أنس غير هذا الحديث.
وقال عُقْبَةُ بن عُبَيْد عن بشير بن يَسَار: قَدِم علينا أَنَسٌ المدينة بهذا.