ومحاضِر هو ابن المُوَرَّع، باسم المفعول، الهَمْدانيّ الياميّ السَّلُوليّ السَّكُونيّ الكُوفيّ، ذكره ابن حِبّان في الثقات، وقال ابن سَعْد، كان ثقة صدوقًا ممتنعًا عن التحديث، ثم حدث بعد. وقال ابن قانع: ثقة، وقال مَسْلَمة بن قاسم: ثقة مشهور، وكان على رأي الكوفة في النَّبيذ، وقال أبو زُرْعَة: صَدُوق صَدُوق. وقال أحمد: لم يكن من أصحاب الحديث، كان مُغفلًا جدًا. وقال ابن المبارك: أعرفه قديمًا، وكان شريك إذا لم يَحضر صلى مُحاضر. وقال أبو سعيد الحدَّاد: محاضر لا يحسن أن يصدق، فكيف يحسن أن يكذب؟ كنا نوقفه على الخطأ في كتابه، فإذا بلغ ذلك الموضع أخطأ، وكان إمام الناس. وقال النَّسائيّ: ليس به بأس، وقال ابن عَدِيّ: روى عن الأعمش أحاديث صالحة مستقيمة، ولم أر في حديثه منكرًا فأذكره إذا روى عنه ثقة.
قال في المقدمة: أخرج له البُخَاريّ حديثين مصورة التعليق الموصول عن بعض شيوخه عنه، أحدهما في الحج والآخر في البيوع، وعلق له غيرهما، وروى له مسلم حديثًا واحدًا، وأبو داود والنَّسائيّ. روى عن عاصم الأحول وهشام بن عُرْوَة والأعمش ومُجالِد بن سَعِيد وغيرهم. وروى عنه أحمد بن حنبل وأبو بكر، وعثمان ابنا أبي شَيْبَةَ، وحجاج الشاعر ومحمد بن يحيي الذُّهْلِيّ وغيرهم. مات سنة ست ومئتين.
السَّلُوليّ نسبه نسبةً إلى سلول، فَخْذ من قَيْس بن هَوَازن، وهم بنو مُرَّة بن صَعْصَعَة بن مُعاوية بن بكر بن هَوَازن، وسَلُول اسم أمّهم، نُسِبوا إليها، وهي ابنة ذُهْل بن شيبان بن ثَعْلَبَةَ، منهم عبد الله بن همّام الشاعر السّلوليّ، من بني عمرو بن مُرّة بن صَعْصَعَة، وهم رَهْط أبي مريم السَّلولي الصحابيّ. والسَّكُونيّ في نسبه نسبة إلى سَكُون كصَبُور، حيٌّ من العرب، وهو ابن أشْرَس بن ثَوْر بن كِنْدَةَ، منهم أبو بَدْر، شُجاعُ بن الوليد بن قَيْس السَّكُونيّ الكُوفيّ المُحَدِّث. ثم قال المصنف:
قال ابن بطّال: هذا موافق لقول مسروق والشَّعْبيّ إن الصفوف يؤم بعضها بعضًا، خلافًا للجمهور، وليس المراد أنهم يأتَمُّون بهم في التبليغ فقط، كما فهمه بعضهم، بل الخلاف معنويّ، لأنّ الشَّعْبيّ قالَ فيمن أحرم قبل أن يرفع الصف الذي يليه رؤوسهم من الركعة: إنه أدركها، ولو كان الإمام رفع قبل ذلك, لأنّ بعضهم أئمة لبعض، فهذا يدل على أنه يرى أنهم يتحملون عن بعضهم بعض ما يتحمل الإمام، وأثر الشَّعْبِيّ الأول وصله عبد الرَّزَّاق، والثاني وصله ابن أبي شَيْبَةَ، ولم يفصح البُخَاريّ باختياره، والظاهر أنه يذهب إلى رأي الشَّعْبيّ. وقوله في الرواية الأولى"يُسمع الناسَ التكبير" لا ينفي كونهم يأتمون به, لأنّ إسماعه لهم التكبَير جزء من أجزاء ما يأتَمْون به فيه، وليس فيه نفي لغيره.
ثم قال: ويُذكَرُ عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- "ائتمُوا بي، وليأْتمَّ بكمْ مَنْ بَعْدكُمْ".