قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ خِيَارٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضى الله عنه وَهْوَ مَحْصُورٌ فَقَالَ إِنَّكَ إِمَامُ عَامَّةٍ، وَنَزَلَ بِكَ مَا تَرَى وَيُصَلِّي لَنَا إِمَامُ فِتْنَةٍ وَنَتَحَرَّجُ. فَقَالَ الصَّلاَةُ أَحْسَنُ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ، فَإِذَا أَحْسَنَ النَّاسُ فَأَحْسِنْ مَعَهُمْ، وَإِذَا أَسَاءُوا فَاجْتَنِبْ إِسَاءَتَهُمْ.
قوله: وقال لنا محمد بن يوسف، يأتي في السند قريبًا ما قيل فيه، ووصله الاسماعيليّ عن محمد بن يحيي قال حدثنا محمد بن يوسف الفِرْيابي، وقوله: عن حُمَيد بن عبد الرحمن، أي ابن عوف، وفي رواية الإِسماعيليّ " أخبرني حميد"، وخالفه يونس بن يزيد فقال: عن الزُّهْرِيّ عن عُرْوَة، أخرجه الإسماعيليّ، وكذلك رواه معمر عن الزُّهْريّ، أخرجه عمر بن شَبَّةَ في كتاب مقتل عُثمان عن غندر عنه، ويحتمل أن يكون للزّهريّ فيه شيخان.
وقوله: عن عُبَيد الله بن عَدِيّ، في رواية ابن المُبارَك عن الأوزاعيّ عند الِإسماعيليّ وأبي نُعيم: حدثني عُبيد الله بن عَديّ بن الخِيار من بني نَوْفل بن عبد مناف. وقوله: إنك إمام عامة، أي جماعة، وفي رواية يونس "وأنت الإمام" أي الأعظم. وقوله: ونزل بك ما نرى، بالنون أي من الحصار، وفي رواية "ما ترى" بتاء المخاطب، أي ما ترى من الحصار، وخروج الخوارج عليك. وقوله: ويصلي لنا، أي يؤمنا، وقوله: إمام فتنة، أي رئيس فتنة. وقال الدّاوديّ: أي إمام وقت فتنة. وعلى هذا الاختصاص له بالخارجي. قال: ويدل على صحة ذلك أن عثمان لم يذكر الذي أمهم بمكروه، بل ذكر أن فعله أحسن الأفعال، ولكن هذا مغاير لمراد المصنف من ترجمته، ولو كان كما قال لم يكن قوله "ونتحرج" مناسبًا.
واختلف في المشار إليه، فقيل: هو عبد الرحمن بن عُدَيْس البَلَويّ، أحد رؤوس المصريين الذين حَصَروا عثمان، كما قاله ابن عبد البَرّ. زاد ابن الجَوْزيّ: وإن كَنانة بن بُسْر أحد رؤوسهم، صلى بالناس أيضًا، وهو المراد هنا, لأن سَيْف بن عمرو روى حديث الباب في كتاب "الفتوح" عن الزّهريّ بسنده فقال فيه: "دخلت على عثمان وهو محصور، وكنانة يصلي بالناس، فقلت: كيف ترى ... " الحديث، وذلك أن هؤلاء لما هجموا على المدينة كان عثمان يخرج فيصلي بالناس شهرًا، ثم خرج يومًا فحصبوه حتى وقع على المنبر، ولم يستطع الصلاة يومئذ، وصلى بالناس يوم حصر عثمان أبو أمَامة بن سَهْل بن حُنَيْفِ الأنصاريّ، لكن بإذن عثمان كما قال سَيْف بن عمر وفي "الفتوح".
ورواه عمر بن شَبَّة بسند صحيح وكذلك صلّى بهم عَلِيّ بن أبي طالب فيما رواه إسماعيل