قدموا عمرو بن سلمة كانوا جماعة من الصحابة، وقد نقل ابن حزم أنه لا يعلم لهم في ذلك مخالف منهم، وعن الثاني بأن سياق رواية المصنف تدل على أنه كان يؤمهم في الفرائض، لقوله فيه "صلوا كذا، فإذا حضرت الصلاة" الحديث وفي رواية أبي داود قال عمرو" فما شهدت مشهدًا في حرم إلا كنت إمامهم" وهذا يعم الفرائض والنوافل.

واحتج ابن حزم على عدم الصحة بأنه صلى الله تعالى عليه وسلم أمر أن يؤمهم أقرؤهم. قال: فعلى هذا إنما يؤم من يتوجه إليه الأمر، والصبي ليس بمأمور, لأن القلم رفع عنه فلا يؤم، ولا يخفى فساد ما قال, لأنا نقول المأمور من يتوجه إليه الأمر من البالغين بأنهم يقدمون من اتصف بكونه أكثر قرآنا، فبطل ما احتج به. ومذهب الشافعية جواز إمامة الصبي في الفرض، وعندهم قولان في الجمعة. وقال الحنفية: لا تصح إمامته للرجال في فرض ولا نفل، وتصح لمثله. وقال المالكية: لا تصح في فرض وبغيره تصح، وإن لم تجز. وقال المرداويّ من الحنابلة: وتصح إمامة صبي بالغ وغيره في نفل، وفي فرض بمثله فقط، ولا تصح خلفه صلاة فرض للبالغ.

وقوله: لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- "يَؤمُّهم أقْرَؤُهم لكتاب الله" أي فكل من اتصف بذلك جازت إمامته من عبد وصبي وغيرهما. وهذا طرف من حديث أبي مسعود الذي ذكرناه في باب "إذا استووا في القراءة" وقد أخرجه مسلم وأصحاب السنن بلفظ "يؤم أقرؤهم لكتاب الله" الحديث. وفي حديث عمرو بن سَلِمة المذكور عن أبيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "وليؤمكم أكثركم قرآنًا" وفي حديث أبي سعيد عند مسلم أيضًا "إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم وأحقهم بالإمامة أقرؤهم" واستدل بقوله "أقرؤهم" على أن إمامة الكافر لا تصح, لأنه لا قراءة له.

وقوله: ولا يمنع من الجماعة بغير علة، هذا من كلام المصنف، وليس من الحديث المعلق. وقوله: بغير علة، أي بغير ضرورة لسيده، فلو قصد تفويت الفضيلة عليه بغير ضرورة لم يكن له ذلك، وسنذكر مستنده في الكلام على قصة سالم في أول حديثي الباب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015