إمامته في الجمعة، وتبطل صلاته وصلاة من صلى خلفه, لأنها لا تجب عليه، وخالف أشْهَب واحتج بانها تُجْزئه إذا حضرها، وتكره إمامته راتباً، وتجوز إذا كان غير راتب، وكذا تكره عند الحَنَفِية. وقيل: جَائزة، وغيره أحب. وقوله: في المصحف، استدل به على جواز قراءة المصلي في المصحف، ومنع منه آخرون لكونه عملًا كثيرًا في الصلاة، ومذهب مالك كراهة القراءة فيه في صلاة الفرض، ولو دخل على ذلك من أوله، ويجوز ذلك في النافلة إذا ابتدأ القراءة في المصحف لا في الأثناء فيكره، وعند أبي حَنِيفَة القراءة فيه مُفْسدة للصلاة، وعند صاحبيه تجوزمع الكراهة، وعائشة مرت في الثاني من بدء الوحي.

وذكوان مولى عائشة أبو عمرو المَدَنيّ. قال أبو زُرْعَة: ثقة، وذكره ابن حِبّان في الثقات، وقال البُخاريّ في تاريخه من طريق ابن أبي مليكة: إنه أحسن على ذَكوان الثناء، وقال العِجْليّ: مدنيّ تابعيّ ثقة. وقال ابن أبي مُلَيكة: كان عبد الرحمن بن أبي بكر يؤم عائشة, ففتاها ذَكوان إذا لم يوجد، وقال الواقِديّ: كانت عائشة دبرته، وله أحاديث قليلة، ومات ليالي الحرة. وقال الهَيثم بن عَدِيّ: أحسبه قتل بالحرة سنة ثلاث وستين. روى عن عائشة، وروى عنه عبد الرحمن بن الحارث، وهوأكبر منه، وابن أبي مُلَيكة وعليّ بن الحُسَين وغيرهم.

وقوله: وولد البغيّ، وهذا معطوف على قوله "والمولى" ولكن فصل بين المتعاطفين بأثر عائشة، وغفل القُرْطبيّ في مختصر البخاري فجعله من بقية الأثر المذكور، والبغِي، بفتح الموحدة وكسر المعجمة وتشديد المثناة، أي الزانية. ونقل ابن التين أنه رواه بفتح الموحدة وسكون المعجمة والتخفيف، والأول أولى، وإلى صحة إمامة ولد الزنى ذهب الجمهور أيضًا، وكان مالك يكره أن يتخذ إمامًا راتبًا، وعلته عنده أنه يصير معرضًا لكلام الناس فيأثمون بسببه. وقيل: لأنه ليس له في الغالب من يفقهه، فيغلب عليه الجهل، وكذا تكره إمامته عند الحَنَفِية.

وقوله: والأعرابيّ، أي بفتح الهمزة، ساكن البادية. وإلى صحة إمامته ذهب لجمهور أيضًا وخالف مالك فقال بكراهة إمامته للحاضر ولو كان أقرأ منه. علته عنده غلبة الجهل على سكان البادية، وقيل: لأنهم يديمون نقص السنن ترك حضور الجماعة غالبًا، وكذا تكره عند الحَنَفِية أيضًا. وقوله: والغلام الذي لم يحتلم، ظاهر أنه أراد المراهق، وتحتمل الأعم، لكن يخرج منه من كان دون سن التمييز بدليل آخر، ولعل المصنف راعى اللفظ الوارد في النهي عن ذلك، وهو فيما رواه عبد الرزاق عن ابن عباس مرفوعًا "لا يؤم الغلام حتى يحتلم" إسناده ضعيف، وأخرج المصنف في غزوة الفتح حديث عمرو بن سَلِمَة بكسر اللام، أنه كان يؤم قومه وهو ابن سبع سنين. وقيل: إنما لم يستدل به هنا, لأن أحمد بن حنبل توقف فيه، فقيل: لأنه ليس فيه اطلاع النبي -صلى الله عليه سلم- على ذلك وقيل: لاحتمال أن يكون أراد أنه كان يؤمهم في النافلة دون الفريضة، وأجيب عن الأول بأن زمان نزول الوحي لا يقع فيه لأحد من الصحابة التقرير على ما لا يجوز فعله، ولهذا استدل أبو سعيد وجابر على جواز العَزْل، بأنهم كانوا يَعْزِلون والقرآن ينزل، كما يأتي، وأيضًا فالوفد الذين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015