عند مسلم، وجمع القُرْطُبيّ بين الحديثين باحتمال أن يكون قعد من أول الحال، وهو الذي حكاه أنس, وبعضهم قام حتى أشار إليه بالجلوس، وهذا الذي حكته عائشة، وتعقب هذا باستبعاد قعود بعضهم بغير إذنه عليه الصلاة والسلام, لأنه يستلزم النسخ بالاجتهاد, لأنّ فرض القادر في الأصل القيام.
وجمع آخرون بينهما باحتمال تعدد الواقعة، وفيه بُعد, لأن حديث أنس إن كانت القصة فيه سابقة، لزم منه ما ذكرنا من النسخ بالاجتهاد، وإن كانت متأخرة لم يحتج إلى إعادة قوله "إنما جعل الإمام ليؤتم به" إلى آخره, لأنهم قد امتثلوا أمره السابق، وصلوا قعودًا لكونه قاعدًا. وفي رواية جابر عند أبي داود "أنهم دخلوا يعودنه مرتين، فصلى بهم فيهما، لكن بين أن الأُولى كانت نافلة، وأقرهم على القيام وهو جالس، والثانية كانت فريضة، وابتدؤا قيامًا فأشار إليهم بالجلوس.
وفي رواية بشر عن حُمَيد عن أنَس عند الإسماعيليّ نحوه، قلت: هذا الذي في أبي داود يجمع به ما مرَّ من الخلاف في الصلاة، هل هي فرض أو نفل. وقوله: أجمعون، كذا في جميع الطرق في الصحيحين بالواو، إلا أن الرواة اختلفوا في رواية همام عن أبي هُرَيرة الآتية في باب إقامة الصف، فمنهم من قال أجمعين بالياء، والأول تأكيد لضمير الفاعل في قوله "صلوا" وأخطأ من ضعفه، فإن المعنى عليه، والثاني نصب على الحال، أي جلوسًا مجتمعين، أو على التأكيد لضمير مقدر منصوب، كأنه قال: أعنيكم أجمعين، وقد مرت مباحث الحديث عند ذكره في باب الصلاة في السطوح.
مروا جميعًا، مرَّ عبد الله بن يوسف ومالك في الثاني من بدء الوحي، ومرَّ ابن شهاب في الثالث منه، ومرَّ في السادس من الإيمان.
ثم قال: قالَ أبو عبدِ اللهِ: قالَ الحُمَيدِيّ: قوله: إذا صلّى في جالسًا فصلّوا