قال النّوَويّ: ثبتت الرواية بإثبات الواو وحذفها، والوجهان جائزان بغير ترجيح، وليس في هذه الرواية زيادة، اللهم ربنا، وفي أبواب صفة الصلاة عن أبي هُرَيْرة "فقولوا اللهم ربنا" واستدل بحديث الباب وحديث أبي هُرَيرة الآتي على أن الإمام يقتصر "على سمع الله لمن حمده" وأن المأموم يقتصر "على ربنا ولك الحمد" وهذا قول مالك وأبي حَنِيفة، ورواية عن أحمد، واحتجوا من حيث المعنى بأن معنى "سمع الله لمن حمده" طلب التحميد، فيناسب حال الإمام، وأما المأموم فتناسبه الإجابة بقوله "ربنا ولك الحمد". ويقويه حديث أبي موسى الأشعريّ عند مسلم وغيره، ففيه "وإذا قال سمع الله لمن حمده، فقولوا ربنا ولك الحمد، يسمع الله لكم" وأجيب عن هذا بأنه لا يدل على أن الإمام لا يقول "ربنا ولك الحمد" إذ لا يمتنع أن يكون طالبًا ومجيبًا.
وقال الشافعيّ وأحمد في رواية, وأبو يوسف ومحمد "إن الإِمام يجمعهما" وزاد الشافعيّ أن المأموم يجمع بينهما أيضًا، لكن لم يصح في ذلك شيء، ولم يثبت عن ابن المنذر أنه قال إن الشافعيّ انفرد بذلك, لأنه قد نقل في الإشراف عن عطاء وابن سِيريِن وغيرهما القولَ بالجمع للمأموم، وأما المنفرد فحكَى الطَّحاوِيّ وابن عبد البَرّ الإجماع على أنه يجمع بينهما، وجعله الطحاويّ حجة على كون الإمام يجمع بينهما للاتفاق على اتحاد حكم الإمام والمنفرد، لكن أشار صاحب الهداية إلى خلاف عندهم في المنفرد، واستدل الشافعيّ ومن معه بحديث أبي هُرَيرة عند المصنف في باب التكبير إذا قام من السجود، ففيه "ثم يقول سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركوع، ثم يقول، وهو قائم: ربنا لك الحمد".
فدل هذا الحديث على أن التسميع ذكر النهوض، وأن التحميد ذكر الاعتدال، وفيه دليل على أن الإمام يجمع بينهما, لأن صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- الموصوفة، محمولة على حال الإمامة، لكون ذلك هو أكثر الأغلب من أحواله، ويأتي باقي مباحثه في باب فضل: "اللهم ربنا لك الحمد" وتقدم باقي